قلعة نويشفانشتاين Neuschwanstein في ألمانيا ليست قلعة عمرها آلاف السنوات بُنيت للدفاع عن مدينة ما كباقي القلاع الأخرى لكنها كانت حلماً يراود ملك بافاريا لودفيج الثاني طوال عمره ففي عام 1869م بدأ الملك الشاب في بناء قلعة على الطراز الروماني القديم في أعلى مكان يمكن الوصول إليه داخل منطقة حكمه ورأى أن أنسب مكان لهذا الغرض هو إحدى التلال العالية على جبال الألب البافارية والتي ترتفع 800 متراً ويبدو أن لودفيج كان مغرماً بفكرة البناء فقط دون أي هدف عملي يريده من ورائها سوى أنه يريد توفير ملجأ آمن له في آخر حياته فقد أمر ببناء قلعتين إضافيتين بالتوازي مع هذه القلعة وأنفق عليها ببذخ من ماله الخاص وتم الإنتهاء من بناء 14 غرفة بها ولكن إلى الآن لم يكتمل بناء القلعة حيث توفى قبل إتمام البناء وتخلى ورثته عن الفكرة كان الملك لودفيج يتابع العمل بنفسه ويزور موقع البناء كل فترة وأمر بأن تكون القلعة مغطاة بألواح الحجر الجيري ذي اللون الأبيض ليتناسب مع لون الجليد المحيط بها من جميع الجهات إلا أن الأسرة الحاكمة انزعجت من تبذير الملك للمال في بناء قلاع لا تكتمل ولا جدوى منها لذا أعلنوا جميعاً بأن الملك لديه مرض عقلي ولا يصلح للحكم ونفوه إلى قلعة بيرج Berg Castle في 1886م وبعد أيام معدودة وجدوا جثته طافية في بحيرة Starnberg ولا تزال وفاته لغزاً حتى الآن فلا يدري الجميع ما إذا كان انتحاراً أم قتلاً وتوقف بناء القلعة من ذلك اليوم وحتى الآن وبعد أسابيع من هذه الحادثة فتحت الأسرة الحاكمة قلعة نويشفانشتاين للجمهور العام حيث يتم دخولها وزيارة غرفها الأربعة عشر مع مرشد سياحي وتحولت من قلعة كان يراد أن تكون آمنة ومعزولة ولا يصل إليها الناس ليحتمي بها الملك في آخر حياته إلى قلعة يزورها كل الناس بعد وفاته حتى أنها من أكثر القلاع زيارة في أوروبا كلها ومنذ افتتاحها للزيارة عام 1886 زارها أكثر من 60 مليون شخص ويزورها يومياً خلال الصيف قرابة ستة آلاف سائح من داخل وخارج ألمانيا ومن شهرتها أصبحت علامة بارزة في الأفلام الألمانية حينما يراد الإشارة إلى مقاطعة بافاريا وترتفع القلعة 800 متراً فوق سطح البحر مما يتيح للزائر رؤية الحدود الألمانية النمساوية منها وقد أعدت القلعة بناءً على خطة مدروسة جيداً بحيث تكون نموذجاً حديثاً حينذاك فقد اشتلمت على كافة الوسائل المتطورة من مضخات ترفع الماء لجميع الطوابق الأربعة كما اشتملت على نظام لتدفئة الهواء في تلك المنطقة المتجمدة شتاءً ونظام لتوفير الماء الساخن لدورات المياه والمطابخ وفي بداية زيارة للقلعة يشاهد الزائر الطابق الأول وما به من قاعات الإستقبال وغرف الخدم وينتقل منه إلى الطابقين الثالث والرابع مباشرة لمشاهدة غرف الملك وأجنحته الفاخرة أما الطابق الثاني لم ولن تكتمل غرفه لذا يكون هو المحطة الأخيرة بعد انتهاء الجولة لتناول الوجبات والمشروبات الساخنة في المقاهي التي بنيت فيه وفي الطابق الثالث يوجد صالون الملك على شكل حرف L وتفصله عدة أعمدة عن بقية الغرف وجميع المفروشات والأثاث به تأخذ شعار طائر البجعة الذي اتخذه الملك لودفيج الثاني شعاراً له ويجاور الصالون غرفة الدراسة والتي يتوسطها مكتب كبير كان يجلس عليه الملك يمارس هوايته في التأليف والكتابة ومازالت مؤلفاته موجودة بالقصر وبين الصالون وغرفة الدراسة مكان لا تجده في جميع القصور الملكية في العالم وهي مغارة صناعية حيث أراد الملك عمل كهف به شلال صناعي وتأثيرات ضوئية وجعل الكهف له باب زجاجي شفاف ليستطيع رؤية جبال الألب وما يحيط بها أثناء الجلوس في هذا الكهف الغير تقليدي أما قاعة العرش أو ما يعرف بالـ Throne Hall فهي قاعة في منتهى البذخ تحتل الجزء الغربي من القصر ومزينة بصور نباتات ونجوم وقد استلهم الملك تصميمها من قاعات الكنائس الموجودة في وقتها والتي كانت على الطراز البيزنطي مما يعطي انطباعاً بأن الملك لودفيج الثاني كان يعتبر نفسه وسيطاً بين الناس وبين خالقهم أما أهم قطعة في هذه الغرفة فهي مفقودة ولا يعلم أحد مصيرها إلى الآن وهي كرسي العرش وبعد ذلك نجد غرفة طعام الملك وقد تم تزويدها بنظام جرس كهربائي وقتها بحيث يتم استدعاء الخادم في أي وقت يريده الملك وفي الغرفة مائدة الطعام المصنوعة من الرخام والبرونز المذهب ومفارش المائدة مصنوعة من الحرير الأحمر يليها غرفة النوم وبها نافورة مطلية بالفضة على شكل بجعة وقد أولى الملك اهتماماً كبيراً بالغرفة حتى أن العمل بها وحدها استغرق أربع سنوات ونصف تفتح قلعة نويشفانشتاين أبوابها يومياً من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثالثة عصراً عدا يوم 1 يناير وآخر أسبوع من ديسمبر وتكلفة التذكرة 12 يورو ومجاناً لمن هم دون الثامنة عشرة ويرافقك مرشد سياحي باللغتين الإنجليزية أو الألمانية .