كان سليم يهيم بزوجته الجميلة سمية حبا وعشقا وانفطر قلبه حزنا عندما ماتت عام 1999 وبني متحفا جميلا اطلق عليه اسمها ولعله كان يحذو حذو الإمبراطور شاه جاهان الذي شيد في الهند ابان القرن السابع عشر تحفة معمارية لا مثيل لها هي تاج محل لتكون مثوي لزوجته التي كان يحبها حبا جما واهتم سليم منذ موت سمية بتذكاراتها في محراب العشق الابدي لكنه لم يغفل يوما عن لعبة الأرقام وتوسيع نطاق إمبراطورية شركاته في المكسيك وبرز سليم منذ أيام عندما صار أغني أغنياء العالم وذكرت مجلة فوربس أن ثروته تبلغ 53,5 مليار دولار وأنه تفوق علي الملياردير الأمريكي بيل جيتس وكان جيتس قد كون ثروته بفضل براعته في ابتكارات عصر تكنولوجيا المعلومات وهو ما أحدث ثورة في الاقتصاد لم يشهدها العالم منذ الثورة الصناعية أما كارلوس سليم المكسيكي من أصل لبناني فقد تراكمت ثروته عبر أساليب تقليدية وكان والده قد هاجر من لبنان عام 1902 هربا من التجنيد في الجيش العثماني واستقر به المقام في المكسيك وعمل بالتجارة وحقق نجاحا واهتم بتعليم ابنائه ودرس ابنه سليم الهندسة في الجامعة وكان قد وقع في هوي الأرقام وصار من رجال الأعمال وكان عام 1982 مشهودا بالنسبة لمشاريعه التجارية فقد ألمت بالمكسيك أزمة اقتصادية وتمكن من شراء شركات ومصانع بثمن بخس فلما هل زمن الخصخصة في التسعينيات من القرن العشرين اشتري شركة الاتصالات واحتكر سوق التليفونات وكذا الاسمنت وغيرهما وقفزت ثروته بينما كان اقتصاد المكسيك ينزف فقراء يسعون للهجرة القهرية بحثا عن فرص للحياة وفي الوقت الذي تم فيه تتويج سليم المكسيكي ملكا علي أغنياء العالم ترددت أنباء في المكسيك عن حالة تأهب لمحاولة ردع الاحتكارات وكبح جماح حيتانها الذين يتحكمون في البلاد ويهدرون حقوق العباد وهنا يتعين ملاحظة أن آدم سميث مؤسس الرأسمالية وكارل ماركس مؤسس الشيوعية ربما لم يتفقا علي شيء سوي تحذيرهما من خطورة الممارسة الاحتكارية للتجار ورجال الأعمال علي المجتمعات ويشاطرهما الرأي اقتصادي بارز هو تورستاين فبلن وكان أدم يؤكد أن الأرباح الشاذة تنتج عن الاحتكار أما فبلن فكانت بصيرته نافذة وتنبأ مبكرا بخطورة الاستهلاك الترفي الذي تروج له الرأسمالية الجامحة ولذلك صك عام 1899 مصطلح الاستهلاك الترفي وخلص إلي أن انتشاره بين الاغنياء يلحق ضررا بالغا بالمجتمع والاقتصاد لأنه يفتح ثغرة واسعة لنفاد الاضطرابات الاجتماعية وأوضح اقتصاديان بريطانيان معاصران أن الاستهلاك الترفي يؤجج غضب الجماهير في بريطانيا علي نمط حياة رجال البنوك ولاعبي كرة القدم ورجال السياسة وذكرا أن نجاح الاقتصاد يتمثل في إمكان تحقيقه لسعادة الجماهير وليس بتكديس ثروات الاغنياء ويحذران من مخاطر هوس الاستهلاك الترفي الغريب أن سليم أغني الاغنياء ليس مهووسا بالاستهلاك الترفي فهو يحيا حياة شخصية تبدو متواضعة بالنسبة لثروته وربما تراوده أمنية أن يصبح الرجل الخفي الذي لا يحفل بثروته أحد وهي أمنية مستحيلة وفي وقت تتحرك فيه سلطات المكسيك لمطاردة حيتان الشركات وأيا ما يكن من أمر مصير إمبراطورية سليم فإن ما قد يبقي منها في زمن قادم هو متحف سمية والجدير بالذكر أن كارلوس سليم قد حول منزله إلى متحف فني عالمي في بلده المكسيك وأطلق على المتحف اسم زوجته الراحلة سمية وهو ثاني متحف يقوم كارلوس بإفتتاحه ويتكون المتحف من ستة طوابق ويأخذ شكل مدخنة ومكسو بألواح لامعة ويضم أكثر من 66 ألف قطعة معظمها تخص فنانين من المكسيك وأوروبا مثل فان جوخ ورينوار ودافينشي وريفيرا إضافة لمقتنيات أثرية من عصر ما قبل وصول الإسبان لأميركا اللاتينية وخطابات ووثائق من العصر الكولينالي منها خطابات تخص كريستوفر كولومبوس وكتابات ترجع إلى هرنان كورتيز والملوك الكاثوليكيين في إسبانيا يبلغ مجموع قيمة هذه المقتنيات 700 مليون دولار.