283 - مدرسه وخانقاه علاء الدين البندقداريه بمصر


تراث معماري فريد اشتهر به المماليك الخنقاه البندقدارية تؤرخ للأمير علاء الدين في بركة الفيل الخنقاه البندقدارية هي احدي الخنقاوات النادرة الباقية من عهد المماليك بحي السيدة زينب القاهري العريق وبالقرب من منطقة منطقة بركة الفيل وأنشأها الأمير علاء الدين البيدقداري سنة 683 هـ وهو أحد المماليك المغاوير الذين سطع نجمهم في عهد السلطان الظاهر بيبرس والذي تولي البيدقداري في عهده سلطنة حلب ولكنه حين توفي في عام 684 هـ دفن في خنقاته التي أنشأها وجعلها مسجداً فما هي حكاية هذه الخنقاة وتاريخها كان الأمير علاء الدين ايدكين بن عبد الله البيدقداري الصالحي مملوكاً للأمير جمال الدين موسي بن يغمور ثم انتقل إلي مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي جعله أميراً وبعد وفاته أصبح من مماليك شجرة الدر وعندما تولي الظاهر بيبرس سلطنة مصر سنة 658 هـ علا نجم علاء الدين وارتفع شأنه عندما قام الظاهر بمحاربة الأمير علم الدين سنجر حاكم دمشق وكان من بيهم الأمير علاء الدين فحاربوه وهزموه حتي اضطر إلي مغادرة دمشق والذهاب إلي بعلبك ثم دخل الأمير علاء الدين دمشق واستولي عليها وحكم فيها نيابة عن الملك الظاهر بيبرس وجهز علاء الدين حملة عسكرية إلي بعلبك لحصار الحلبي حاكم المدينة وانتهي الأمر باستسلام الحلبي وذهابه إلي السلطان الظاهر بمصر وكان من نتيجة دلك كما يقول العطوي أن قام الظاهر بمكافأة علاء الدين علي إخلاصه فمنحه ولاية السلطنة بحلب وعندما كثرت فتوحات وانتصارات الظاهر رأي ألا ينفرد بكل ذه المكاسب والإنتصارات لنفسه دون أعوانه فأصدر أمره بأن يملك الامراء وخواصه بعض المناطق والضياع وكان بينهم الأمير علاء الدين البندقداري الذي ملك منطقة باقة الشرقية ويشار إلي أن الأمير علاء الدين كان له نصيب يذكر في جهاد الصليبيين فقد حدث أن أغار الفرنج سنة 664 هـ علي حمص ونزلوا علي حصو الأكراد واستولوا علي مناطق عرقة وحلباء والقليعات قرب طرابلس الشام فقام الأمير علاء الدين بتجهيز جنوده واتجه إلي مدينة صور وهاجموا الفرنج فقتلوا وأسروا منهم الكثير وعندما أغار التتار علي الساجور وهو نهر قرب حلب توجه إليهم علاء الدين بجنوده وانتصر عليهم انتصاراً كبيراً في منطقة برج برغوث وهي منطقة تقع علي الطريق بين دمشق وجسر يعقوب وعاش علاء الدين حتي دولة الملك المنصور قلاوون وكان من أكابر الأمراء وأعيانهم إلي أن مات في القاهرة في شهر ربيع الأول من سنة 684 هـ ودفن بمدفنه الموجودة في خانقاته المسماة بإسم الخنقاه البندقدارية والتي أنشأها وجعلها مسجداً لله تعالي وما زالت هذه الخانقاه موجودة وتعرف باسم زاوية الأبار ويوجد علي يسار المدخل من باب الزاوية قبة تشرف علي الشارع ويوجد تحتها قبر علاء الدين ويعلوها تابوت خشبي حفر عليه تاريخ الوفاة كما تحتوي الخانقاه علي قبة أخري يرجح أن علاء الدين أنشأها لزوجته ويوضح ريحان أن الخانقاه توجد في منطقة بركة الفيل بالقرب من ميدان السيدة زينب وهذه المنطقة لم تكن بركة عميقة فيها ماء راكد بالمعني المفهوم من لفظ بركة وإنما كانت تطلق علي أرض زراعية يغمرها ماء النيل سنوياً وقت الفيضان وكانت تروي من الخليج المصري الذي حل محله الآن شارع بورسعيد وقد تحولت أرض بركة الفيل تدريجياً من الزراعة إلي السكن منذ عام 620 هـ ولم يبق بها أرض بغير بناء إلا قطعة أقيم عليها فيما بعد سراي عباس حلمي الأول المعروفة باسم سراي الحلمية وفي عام 1894 قسمت أراضي حديقة السراي وفي سنة 1920 هدمت السراي وقسمت أراضيها وبيعت وتعرف الآن باسم الحلمية الجديدة وعن السبب في تسمية المنطقة باسم بركة الفيل إن ذلك يرجع إلي الأمير خمارويه بن أحمد بن طولون والذي كان مغرماً باقتناء الحيوانات من سباع والنمور والفيلة والزرافات أنشأ لكل نوع منها داراً خاصة بها ومنها الفيلة التي كانت دارها تقع علي حافة البركة من الجهة القبلية الشرقية وكان الناس يقصدون البركة للنزهة والفرجة علي الفيلة فاشتهرت بينهم بـ  بركة الفيل حتي اليوم وعن الوصف المعماري للخانقاه تتكون من قبتين الأولي تطل واجهتها علي شارع السيوفية والثانية تقع خلفها ويفصل بينهما مساحة للصلاة وتتكون الواجهة الأولي من مداميك حجرية وينتهي حائطها بشرفات مسننة ويعلو حائط الواجهة منطقة الانتقال للقبة المزخرفة بقنوات يفصل بينها فصوص بارزة وفي وسط الواجهة يوجد مدخل ينتهي بعتب يعلوه عقد عاتق وعليها شريط كتابي يقع تحت الشرفات مباشرة يحتوي علي رنك وظيفي وهو عبارة عن قوسين متواجهين مما يدل علي أن صاحبها كان يشغل وظيفة البندقداري ويضيف سعيد يؤدي الخانقاه مدخل معقود مكون من ثلاثة فصوص يوصل بدوره إلي ممر وعلي جانبه الغربي تقع القبة الأولي وعلي جانبه الشرقي عدة منازل ومنه يتم الوصول إلي ساحة الصلاة وتفتح القبة الأولي علي هذا الممر بواسطة باب ينخفض عن الممر بمقدار ثلاث درجات ومبني من حجر منحوت يشابه حجر الواجهة ويشير سعيد إلي أن جدران القبة الأولي تكاد تكون خالية تماماً من الزخارف فيما عدا المحراب الذي يعلوه عقد ذو زاوية وتحيط به الزخارف الجصية الجميلة وعلي جانبي المحراب توجد حنينان طويلتان مجوفتان ويقوم عقد المحراب وكذا عقود الحسنتين علي أعمدة مندمجة ويوجد للقبة باب ثان في الضالع الشرقي يقابل الباب الذي يفتح علي ممر المدخل أما القبة الثانية فيمكن الوصول إليها عن طريق صالة الصلاة من الباب ومنه إلي ممر ضيق في نهايته باب يؤدي إلي القبة الثانية ويدخل إلي هذه القبة عن طريق باب وهي أصغر قليلاً من القبة الأولي وتحتوي علي محراب طويل وضيق وينتهي بعقد منكسر وفي الاضلاع الثلاثة الأخري ضيات ضيقة وتتكون منطقة الانتقال من ثلاثة صفوف من المقرنصات ويحتوي كل صف علي خمس مقرنصات ويفصل بين الأركان نافذة ذات ثلاث فتحات وتحتوي رقبة القبة علي أربع وعشرين نافذة صغيرة تقوم علي شريط مكون من بحور تحتوي علي كتابة نسخية ويملأ فراغ كوشة عقود النوافذ زخارف حصية علي شكل معينات ويعلو ذلك مباشرة شريط ضيق من الخط الكوفي يعلوه شريط به بحور تحتوي علي كتابات نسخية ويفصل هذه البحور عن بعضها دوائر وبالنسبة للوصف الخارجي للقبة الثانية فيشير إلي أنها تحتوي علي درج واحد والتدرج يتفق مع بداية صف المقرنص الأول وما تزال القبة تحتفظ ببعض الزخارف الحصية التي تحتوي علي بحورها كتابات نسخية وزخارف هندسية علي شكل مراوح نخيلية الجدير بالذكر أن الخانقاه هى التي ينقطع فيها الشيخ للعبادة فترة غير قصيرة وهي منشآت كانت تخصص لإيواء الصوفية والمنقطعين للعبادة وكانت تسمى في الدولة العثمانية التكايا ومفردها تكية وقد انتشرت هذه الخانقاوات في الأقطار الإسلامية الختلغة وبخاصة في إيران ومصر والشام واليمن وأسيا الصغرى تركيا أما في المغرب الإسلامي فتعرف الخانقاوات هناك باسم الزوايا وتجمع عمارة الخانقاه بين عدة وظائف منها المدرسة والضريح والمسجد والسبيل وغيرها وكانت الخانقاوات تخطط على غرار المدارس أي أنها كانت تتكون من صحن أوسط يحف به إيوانات وحجرات السكن الصوفية تتكون من عدة طوابع وقد أسهمت الخانقاوات في النواحي التربوية والدينية والاجتماعية وقد عرفت مصر الخانقاوات منذ العصر الأيوبي وانتشرت انتشاراً واسعاً في العصر المملوكي.