في الشمال الغربي من مدينة تبوك يبرز مكان تسكنه عبقرية متناهية وتفوح منه رائحة التاريخ والعراقة فيقف الإنسان متأملا حقبة سالفة تتراكم فيها السنوات هذا المكان هو مغاير شعيب أومدائن شعيب ويطلق عليها كذلك مدين هي تلك البقعة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم قال الله تعالى في سورة هود بعد قصة قوم لوط "وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط " وتقع مغاير شعيب في محافظة البدع إحدى محافظات منطقة تبوك و تبعد 225 كم إلى الشمال الغربي منها وتقع مابين خطي طول 30 ـ 34 و30 ـ 35 شمالا وخطي عرض 00 ــ 28 و 00 ــ 29 شرقا وكانت مغاير شعيب مستوطنة زراعية من عام 100 ق. م حتى عام 550 م حين أجبرت عشرون سنة من الجفاف سكانها من الأنباط على الانتقال شمالا إلى الهلال الخصيب وفيما تشكل الجبال المنحوتة مغاير عجيبة تشبه إلى حد كبير واجهات قصور الأنباط في الحجر مدائن صالح إلا أن مغاير شعيب لها خصوصيتها الأخرى وتبعد مغاير شعيب عن مدينة تبوك 225 كم غربا وتشتمل على وحدات معمارية مشيدة بالأحجار وبئر ومن أهم المعالم الأثرية وأبرزها الواجهات النبطية في المغاير التي كتب عليها من الداخل العديد من النقوش اللحيانية النبطية وهذه الوحدات المعمارية المتنافرة دليل واضح على أمم كثيرة تعاقبت على سكن الواحة إبان ازدهارها التجاري والزراعي قبل الميلاد بعدة قرون كما يوجد بها موقع لمدينة من الفترة الإسلامية المبكرة وتعتبر مغاير شعيب من أهم المعالم الأثرية وتضم 16مقبرة وهي واحة قديمة بها قبور منحوتة في الصخور وترجع إلـى العصر النبطي وهي عبارة عن كهوف وأضرحة نبطية محفورة بالصخر وأسلوب الحفر مشابه لما وجد في الحجر مدائن صالح ويدل على مظاهر القوة ولاسيما التجويفات الكبيرة داخل الجبل وقد نحتت الأضرحة المنحوتة المتعددة داخل هذه التجويفات الصخرية بشكل هندسي وأغلبها ذات مساحة واحدة إن منطقة شمال غرب المملكة بدأت بحضارات ما قبل التاريخ ثم حضارة عاد وثمود في الألف الثالث ق.م ،ثم حضارة مدين ولحيان والأنباط والرومان والفترات الإسلامية المبكرة والمتأخرة ان مغاير شعيب تعد من أبرز المعالم الأثرية في منطقة البدع وهى عبارة عن مقابر جماعية منحوتة فى تكوين جبلى من الصخر الرملي مشابهة لواجهات المقابر النبطية الموجودة فى الحجر مدائن صالح والبتراء في الأردن والأدلة الأثرية تؤكد أنها من عمل الأنباط100ق.مـ.106م حيث شهدت الواحة في هذه الفترة ازدهارا اقتصاديا وحضاريا وكانت نقطة تجمع للطرق التجارية التي تربط البتراء عاصمة الأنباط بميناء لوكى كومى الشهير على ساحل البحر الأحمر وبواحة الحجر في العلا أن هذه المنطقة قد جذبت اهتمام الرحالة والجغرافيين من المسلمين عند مرورهم بها وظن البعض منهم أن هذه المقابر تخص قوم شعيب فأطلقوا عليها اسم مغاير شعيب على اعتبار أن البدع تقع في أرض مدين التي عاش فيها شعيب وقومه بل إن الأدلة التاريخية والأثرية والمعمارية تؤكد أنها من عمل الأنباط وقد تكون من عمل الأقوام العربية التي سبقت الأنباط غير سكنى الواحة ولعل نتائج التنقيبات والدراسات الأثرية المستقبلية في الواحة توفر إجابة عن تاريخ هذه المقابر وتبعيتها الحضارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق