أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

211 - عرش الملكه بلقيس


الملكة بلقيس ملكة سبأ تعتلي صرح عرشها معبد الشمس أو معبد برآن في أرض الجنتين لتؤدي مناسك التعبد التي اعتادت تأديتها قبل نحو ثلاثة آلاف سنة لعبادة النجوم والكواكب فمن إعادة بناء سد مأرب العظيم منتصف الثمانينيات من القرن العشرين إلي الكشف عن عرش بلقيس تبدو أرض مأرب اليمنية علي طريق المجد ثانية تحاول أن تستعيد بريقها الحضاري في جنوب جزيرة العرب بل إن علماء الآثار الغربيين الذين بدؤوا الحفر والتنقيب عن محرم بلقيس أو معبد القمر يؤكدون أنهم في الطريق إلي الكشف عن أكبر معبد من معابد الحضارات اليمنية القديمة ويؤكد فريق التنقيب الأثري التابع للمؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان بأن محرم بلقيس سيكون أعجوبة الدنيا الثامنة حيث يعود تاريخ إنشائه بحسب النقوش التي تم العثور عليها حتي الآن إلي القرن الثاني عشر قبل الميلاد وكانت منطقة مأرب الواقعة علي بعد 170كم شرق العاصمة اليمنية صنعاء عاصمة لمملكة سبأ وهي اليوم مهد أعرق حضارة قديمة عرفت في جنوب الجزيرة العربية مملكة سبأ التي كانت المرتكز الأساسي للحضارات اليمنية القديمة إذ اعتبر الحميريون امتداداً متكاملاً لمملكة سبأ التي سادت كامل منطقة جنوب الجزيرة العربية والبحر الأحمر حتي مناطق اريتريا وأثيوبيا الشرقية في القرن الأفريقي ولقد اشتهر السبئيون بمهارتهم في مجال التجارة كما عرفوا بالجسارة وفن القتال وكانوا يعبدون الكواكب من دون الله وذلك هو النبأ العظيم الذي عاد به الهدهد إلي سيدنا سليمان عندما مر بمملكة سبأ ووجد أهلها يعبدون الشمس وتحكمهم امرأة هي الملكة بلقيس التي أرسل إليها سيدنا سليمان لتدخل في دين الله فترددت وأمرت له بهدية علها تكشف حقيقة مقصده وهل هو فعلاً نبي مرسل أم مجرد طامع في مملكة سبأ التي كانت تعيش أزهي مراحل رقيها وحضارتها وهي المملكة التي حكمت بالشوري وطبقت الديمقراطية قبل آلاف السنين حيث أنها لم تقطع في أمر التصرف مع سيدنا سليمان إلاّ بعد أن شاورت قومها فقالت (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتي تشهدون) ذلك بعد أن وصلتها رسالة سيدنا سليمان (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تعلوا عليّ وآتوني مسلمين) وقالت الملكة بلقيس كما ورد ذكره علي لسانها في القرآن الكريم (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون) إذن تلك هي مملكة سبأ والملكة بلقيس التي ورد ذكرها في الكتب المقدسة وفي التوراه والقرآن كانت هي التاريخ والحضارة والثقافة والمجد العربي في جنوب جزيرة العرب علي مدي عشرات القرون لكنها تحولت إلي مجرد أساطير وحكايات يتواتر ذكرها علي ألسن الرواة فمثلاً سد مأرب العظيم الذي كان واحداً من نحو 80 سداً في مملكة سبأ تحول بعد سيل العرم إلي أسطورة باستثناء جزء بسيط من جداره الضخم لا يزال منتصباً عند الضفة الغربية لوادي أرض الجنتين وأما سواه من معالم مملكة سبأ فقد طماها سيل العرم وزحفت عليها كثبان رمال الصحراء لتدفنها علي أعماق مختلفة وحولتها إلي مجرد أساطير يحاول الباحثون الاسترشاد إليها من خلال ما وصلهم من المخطوطات وبعض النقوش القديمة وبخاصة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين وظلت مأرب مهداً لحضارة إنسانية عملاقة يزيد عمرها عن ثلاثة آلاف سنة كما ظلت أرضاً للأساطير والحكايات وكنوز سبأ وحمير التي توارت منذ آلاف السنين في باطن أرضها حيث امتزجت الحقيقة بالأسطورة وتكاد أعمال الحفر والتنقيب المتواصل عن الآثار أن تحول الأسطورة إلي حقيقة علي أرض الواقع وذلك ما تم مؤخراً بعد أن أنهي فريق أثري ألماني تابع لمعهد برلين للآثار أعمال الحفر والتنقيب والترميم لعرش بلقيس طوال مدة 13 سنة انتهت في نوفمبر الجاري وجري الاحتفال رسمياً بذكري الألفية الثالثة لبناء عرش بلقيس معبد الشمس ولم يشأ الزمن ولا التاريخ أن يظل عرش بلقيس مجرد أسطورة وهو الموقع الأثري الأشهر بين آثار اليمن عُرف بعمائده الخمسة وسادسها عمود مكسور كانت حتي عام 1988م تنتصب وسط كثبان الرمال المحيطة بها يجهل الإنسان ما تخفي تحتها باستثناء أن اليمنيين استخدموا صور تلك الأعمدة كرمز وطني مهم للبلاد اليمنية فتصدرت لوائح الإعلانات وظهرت مرسومة في العملات الورقية وعلي طوابع البريد وأغلفت بعض كتب التاريخ اليمني ولقد تغني الشعراء والمبدعون اليمنيون بعرش بلقيس وظلوا يترقبون عودة ظهور معبد الشمس وسطوع شمس حضارة سبأ وحمير ومنذ 1888م أضحي معلوماً لدي الباحثين أن عرش بلقيس تسمية شعبية لمعبد سبئي قديم كان الرحالة النمساوي والباحث أدورد جلازر أول من دوّن نقشاً سبئياً حفر علي أحد أعمدة المعبد في العهد السبئي الوسيط ويتحدث النقش عن المعبد السبئي المقة رب المعبد برآن ويحذر كل من يحاول أن ينهب كنوز المعبد الفضية والمعبود السبئي المقة كان يرمز لعبادة القمر أحد الكواكب السماوية أما برآن فهو الاسم السبئي القديم لقسم من الجنة اليسري في أرض مأرب وكان معبد برآن عرش بلقيس يبعد حوالي 3كم عن أسوار المدينة وموقعه كما هو الحال تقريباً وسط حقول الجنة اليسري بعيداً عن أماكن الاستيطان البشري ويوجد علي بعد 3كم في الشمال الشرقي محرم بلقيس وهو أكبر معبد كان يحج إليه السبئيون في مواقيت محددة في السنة ويعرف باسم معبد آوام أو معبد القمر وهذا المعبد ينتظر فرق التنقيب الأثرية تأتي إليه لتستكمل ما بدأته قبل نصف قرن حتي تكشف عن تفاصيله المدفونة تحت الرمال فيزهو بعودته إلي النور كما يزهو اليوم عرش بلقيس الذي أصبح مفتوحاً أمام الزوار وحتي يكتمل ظهور أعجوبة الدنيا الثامنة يفرض عرش بلقيس علي أي زائر لأرض الجنتين أن يقف وقتاً مع التاريخ يتأمل عظمة الإنسان اليمني قبل ثلاثة آلاف سنة ومستوي تطوره الحضاري المتكامل ويقول فريق الحفر والتنقيب الأثري الألماني برئاسة بوركهارد فوكت رئيس المعهد الألماني للآثار بصنعاء عندما بدأ التنقيب في عام 1888م لم يكن قد تبقي من عرش بلقيس سوي تل منخفض يرتفع عند الحقول المجاورة بحوالي ثلاثة أمتار ويبرز في أعلاه صف من الأعمدة تنتشر حوله أحجار البلق المهدمة وبعض العناصر المعمارية المتكسرة وخلال أربعة مواسم من أعمال الحفر والتنقيب تلتها عملية تثبيت وترميم المعالم بكل عناية بعون مالي ألماني أصبح المعبد عرش بلقيس مهيأ لاستقبال الزوار ومفتوحاً لعامة الناس إن نتائج البحث العلمي أثرياً ومعمارياً وكذا نتائج دراسة التغيرات البيئية في وادي مأرب وقراءة النصوص والنقوش التي تم العثور عليها وتواريخها المتعددة أثبتت لفريق الباحثين أن تاريخ إنشاء معبد برآن عرش بلقيس يعود إلي بداية الألفية الأولي قبل الميلاد ورغم أن الباحثين لم يتوصلوا إلي الكشف عن أسباب إقامة المعبد في موقعه وهل اقتضت اختيار الموقع ظاهرة طبيعية أو توافق أبراج فلكية ولكن المؤكد أن المعبد ربما قد شيد لأول مرة في القرن العاشر قبل الميلاد أي بما يوافق تقريباً عهد ملكة سبأ الشهيرة و لا يستبعد الباحثون تاريخاً أقدم من ذلك لإنشاء المعبد ويشير تقرير الآثاريين الألمان أن المعبد يتألف من مجمع يضم وحدات معمارية مختلفة أهمها منصة المعبد والفناء الأمامي وملحقاتهما مثل السور الكبير والمبني من الطوب والمنشآت التابعة وكذلك قناة الري التي كانت هناك بعرض أربعة أمتار وعمق ثلاثة أمتار ولم يبق منها شيء وتطورت العناصر المعمارية لمعبد برآن عرش بلقيس خلال 1500 عام لتشكل في نهاية المطاف متنسكاً كبيراً وكانت النواة هي المعبد التي تمثلت في أربع بنايات تراكمت الواحدة فوق الأخري في فترات زمنية متفرقة ودفنت الثلاث الأولي منها تحت المنصة الكبري لبناية المعبد الرابعة والأخيرة التي تكشف معالمها اليوم غير أن الآثاريين والباحثين يجهلون حتي الآن مخطط المعبد الأول الأصل كما يجهلون الطقوس التي كانت تقام فيه وأيضاً الإله الذي كان يُعبد فيه ويسري القول علي مبني المعبد الثاني الذي أقيم علي أنقاض الأول وأستند الباحثون من خلال كسر الفخار التي عثروا عليها أن المبني الثاني لمعبد الشمس ينبغي أن يكون قد أنشئ في مطلع الألف الأول قبل الميلاد وأنه ظل قائماً حتي الربع الأخير من القرن التاسع قبل الميلاد وفي مرحلة لاحقة ربما خلال القرن الثامن أو التاسع قبل الميلاد جرت علي المعبد تغيرات جذرية فقد بني جدار المنصة الكبير للمبني الثالث بحجارة ضخمة من أحجار البلق وذلك علي أنقاض المعبدين الأول والثاني كما حشوا المنصة بتراب رسوبي ناعم وأقيمت في الوسط غرفة للعبادة تحيط بها أرضية مبلطة بحجارة من البلق وعندما بلغت مملكة سبأ أوج ازدهارها في أواخر القرن السادس أو القرن الخامس قبل الميلاد شُيد المبني الرابع لعرش بلقيس معبد برآن علي أنقاض المعابد الأول والثاني والثالث السابقة وجري توسيعه بإضافة فناء فسيح فأصبح بذلك مجمعاً فخماً تتيح المساحة الفسيحة له إقامة الاحتفالات للمعبود السبئي المقة وهو في هيئته تلك يشبه عمارة القصور التي عرفت في محافظة شبوه المجاورة لمأرب وكان المعبد الرابع عرش بلقيس يرتفع في مجمله 15 متراً ويتألف من مساحة المعبد وبيت للصلاة في الوسط وأروقة بأعمدتها في الجهات الشمالية والغربية والجنوبية وأمام الواجهة الغربية للمنصة شيدت البوابة الخارجية لتشكل معلماً بارزاً بأعمدتها الستة التي نحتت من كتل صخرية يبلغ ارتفاع الواحد 8.2 متر بالإضافة إلي الدرج والتي تؤدي إلي الداخل وفي الوقت نفسه تم إضافة ساحة أمامية وحفرت البئر وللساحة الداخلية شكل مربع وأروقة بأعمدة ارتفاع كل منها 4 أمتار وكانت الأروقة مزينة بنحت علي حجر البلق والمقاعد التي قدت من محاجر المخدرة في صرواح علي بعد حوالي 40كم إلي الشمال الغربي ويبدو مجمع المعبد عرش بلقيس وحدة معمارية متناسقة يتقابل فيها المدخل الرئيس والساحة مع الدرج العالي لمنصة المعبد بشكل يوحي بالروعة والجمال وعظمة المنجز والإنشاء وتشير النقوش التي تم العثور عليها أن النذور المقدمة للمعبد متعددة كأن تكون قطعاً من الأرض أو البساتين وغيرها وغير ذلك مما يعكس نفوذ المعبد في حياة السبئيين وأهميته في الحياة الاقتصادية وكان الدخول إلي المعبد في فترة البناء الرابع قسراً علي أولي المراتب العليا من أهل البلاد السبائية ونفرد من الطبقة العليا في المجتمع السبئي ومن هؤلاء من أسهم بسخاء في تجهيز أروقة الساحة الأمامية للعرش فمثلاً القين وهو إداري ذكرت النقوش أنه عمل مع حكام سبأ مثل تدع آيل و يثع أمر و كرب ايل أما العامة فلا يسمح لهم كما يبدو بدخول حرم المعبد وكانوا يضعون قرابينهم المصنوعة من الفخار علي امتداد واجهة الساحة الأمامية وكانت السدود العظيمة التي شيدها السبئيون والمعابد أهم علامة بلوغ حضارتهم واوجها وذلك في القرن العاشر قبل الميلاد عندما زارت بلقيس ملكة سبأ الملك سليمان وكانت مملكة سبأ التي عاصمتها مأرب مرياباً غنية جداً لمهارة أهلها في التجارة وسيطرتهم حينذاك علي الأسواق كما ورد في التورات أن بلقيس قدمت إلي سليمان الذهب والحجارة الكريمة والطيوب بكميات كبيرة وأشار القرآن الكريم إلي ذلك وإلي ثراء الملكة بلقيس ورخاء السبئيين عامة وذلك في حوار بين سليمان والهدهد قال تعالي (وتفقد الطير فقال مالي لا أري الهدهد أم كان من الغائبين، لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ، فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين، إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم). ولقد كانت مملكة سبأ تسيطر علي طرق القوافل التجارية بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها وصولاً إلي مصر وغزة وبلاد ما بين النهرين وكان السبئيون يصدرون إنتاجهم الخاص من البخور والطيوب والعطور والتوابل في هذه الاتجاهات وكانوا يلعبون دور الوسيط مع الهند بفضل مرافئهم علي المحيط الهندي وكانت ديانة سبأ قريبة جداً من الديانة البابلية بمجوسها وبعبادة الكواكب وأما الالهان الرئيسان فكانا الإله القمر والإله الشمس التي يتجه نحوها السبئيون ليصلوا عند الفجر والسبئيون مزارعون ماهرون وبناة قلاع وقصور ذات هندسة معمارية متميزة ومؤلفات فنية وأبدع السبئيون حضارة خاصة بهم تحميهم من الغزاة علي الجبال الشاهقة والصحاري الشاسعة والمساحات البحرية الواسعة وعرفوا بالازدهار إلي درجة أن اليونانيين ومن ثم الرومان أطلقوا علي بلادهم اليمن اسم العربية السعيدة وأغنت التجارة السبئيين إلي درجة أنهم أصبحوا الشعب الأوفر ازدهاراً في بلاد العرب كانوا يستخدمون القرفة والتوابل الأخري كمحروقات ويسكنون بيوتاً رائعة رصعت أبوابها وجدرانها وسقوفها بالعاج والذهب والفضة والحجارة الكريمة وكان هذا الازدهار مصدر خطر علي الاستقرار إذ شن ايلوس غالوس بتكليف من آب (أغسطس) حاكم مصر أول غزو ضد مملكة سبأ وذلك عام 25 قبل الميلاد لكن السبئيين نجحوا في صد الغزو حيث لم يرجع مع غالوس من بين عشرة آلاف مقاتل سوي عدد بسيط من الناجين ومع مرور السنين والمتغيرات تحرك الحميريون أتباع سبأ ومدوا سيطرتهم علي مناطق سبأ وأعلن زعيمهم نفسه ملكاً لسبأ وذو ريدان وامتد نفوذ مملكة سبأ و ذوو ريدان حتي الضفاف الشرقية للقارة الأفريقية المطلة علي البحر الأحمر وقادت المتغيرات السياسية والعسكرية والعقيدية عبر القرون إلي انعكاسات مباشرة علي المعالم الحضارية لمملكة سبأ وفي مقدمتها المعابد التي كان لها نفوذها وسلطتها في مرحلة الوثنية وعبادة الكواكب وفي حوالي بداية العصر المسيحي تعرض معبد عرش بلقيس وربما غيره من المعابد التي لم تكشف بعد إلي الإهمال وأعرض الناس عن التنسك فيها بالقدر الذي كان عليه ويشير علماء الآثار إلي احتمال تعرض المعبد للهجرة والانقطاع والنهب والتدمير وهدمت أسواره وحطمت محتوياته ومقاعده وسويت مقدساته علي المنصة بالأرض ولم يعرف حدوث أي حملة عسكرية خلال تلك الفترة ذات علاقة بمأرب عدا الحملة الرومانية الشهيرة غاليوس ما بين عامي 25 ــ 26 قبل الميلاد وهي الحملة التي أخفقت في فتح مأرب ويعتقد أن القائد الروماني انتقم لذلك بتخريب المنشآت المائية الرئيسة في مأرب مثل السد ويميل علماء الآثار إلي أن الرومان خربوا أيضاً معبد برآن عرش بلقيس وقد جرت بعد ذلك إصلاحات غير مكتملة للمعبد غير أن الطقوس التقليدية توقفت في بداية العصر المسيحي وهجرت المعابد الوثنية وربما يتوافق هذا الوضع مع حالة الدمار التي تعرض لها المعبد وكان آخر ما شيد في موقع المعبد قناة ري كبيرة وذلك جنوب حرم المعبد مباشرة وكان ذلك في القرن الخامس أو السادس الميلادي ويبدو أن هذه القناة قد توقفت عن العمل في فترة ما قد لا تسبق انهيار سد مأرب العظيم وهو الانهيار الأخير الذي حصل في ما بين عامي 570 ــ 600 للميلاد أما في القرن السابع للميلاد فقد هجر الموقع تماماً وبدأت تطمره الرمال وكان عرش بلقيس أو معبد برآن قد فقد قيمته كمكان ديني بحلول القرن الرابع للميلاد وهذا يوافق الدلائل النقشية التي تم العثور عليها في أنحاء شتي من اليمن والتي تشير إلي أن حكام بلاد اليمن حوالي 380 للميلاد لم يعودوا يحبذون الوثنية وإنما اتجهوا إلي ديانات التوحيد كالمسيحية واليهودية ولاشك أن الكشف المتكامل لعرش بلقيس في وادي مأرب قد شد الانتباه إلي مهد الحضارة السبئية وحفز السلطات والمهتمين بالآثار والحضارات القديمة للدخول في مشروعات حفر وتنقيب واسعة عن آثار الحضارات اليمنية القديمة في جنوب الجزيرة العربية ويوجد نحو عشر بعثات أثرية غربية أمريكية وفرنسية وألمانية وإيطالية وكندية واسترالية وغيرها تقوم بأعمال حفر وتنقيب عن الآثار في مأرب و شبوه وحضرموت ولحج وأب وزبيد وغيرها من مراكز وعواصم الحضارات اليمنية القديمة ويعتبر محرم بلقيس أكبر معبد تاريخي قديم في الجزيرة العربية ظل متنسكاً للسبئيين منذ أوائل الألف الأول قبل الميلاد وحتي القرن الرابع الميلادي وأضاف والاكتشاف ينطوي علي احتمالات سياحية عالمية وقد يعادل في الأهمية أهرام الجيزة في مصر وأطلال بومبي في إيطاليا والاكروبوليس في اليونان فالموقع متخم بالقطع والنقوش والمنحوتات والرسوم الأثرية مما قد يفتح باباً جديداً إلي الحضارة السبئية والحضارة القديمة عامة في جنوب شبه الجزيرة العربية ومحرم بلقيس معبد القمر يزيد عمره عن ثلاثة آلاف سنة وهو معلم أثري مذهل يحيط بالكثير من أسرار عظمة مملكة سبأ وهو جزء مهم من التراث الإنساني العالمي ويعتقد فريق التنقيب والحفر الآثاري إن هذا المعبد قد وجد خلال الفترة 1200 قبل الميلاد حتي عام 550 للميلاد  ويعتقد أن العرش ذاته كان موجودا في معبد أوم جنوب مأرب الذي يعد واحدا من أضخم وأكبر المعابد في التاريخ فحسب المعلومات التي توفرت من أعمال التنقيب تتجاوز مساحة هذا المعبد 6000متر مربع بطول ضلع 255متراً  وكان له 360نافذة على الأقل وعدد هائل من الأبواب وحاليا تغطي الرمال معظم هذه المساحة باستثناء جزء صغير كشف النقاب بداخله عن نقوش تتحدث عن بناء المعبد من قبل الملك السبئي (يدع إلذرح) الذي حكم اليمن قبل القرن الثامن الميلادي ويعتقد أن ملكة سبأ (بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل) تنحدر من نسل هذا الملك ويخبرنا القرآن كيف اكتشف الهدهد مملكة سبأ وكيف رأى أهلها يعبدون الشمس دون الله الواحد القهار وحين أخبر سليمان بما رأى أرسل معه خطابا يدعوهم فيه إلى التوحيد والحضور إليه طائعين وكي يثبت لبلقيس فضل الله عليه سأل سليمان من حوله (أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين) فقال عفريت من الجن (أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك) فقال سليمان : أريد أسرع من ذلك فقال آصف ابن برخيا وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب (أنا أتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) فوجد سليمان العرش أمامه بطرفة عين