أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

75 - تمثال الحريه


تمثال الحرية هو عمل فني نحتي قامت فرنسا بإهدائه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 28 أكتوبر عام 1886 كهدية تذكارية، بهدف توثيق عري الصداقة بين البلدين بمناسبة الذكري المئوية للثورة الأمريكية (1775-1783) ومنذ ذلك الحين إستقر التمثال بموقعه المطل علي خليج نيويورك بولاية نيويورك الأمريكية ليكون في استقبال كل زائري البلاد سواء كانوا سائحين أو مهاجرين قام بتصميمه فريدريك بارتولدي بينما صمم هيكله الإنشائي غوستاف إيفل ويستقر التمثال علي جزيرة الحرية الواقعة في خليج نيويورك حيث يبعد مسافة 600 مترا عن مدينة جيرسي بولاية نيوجيرسي و2.6 كيلومترا إلي الجنوب الغربي من مانهاتن بمساحة إجمالية تقدر بـ 49,000 متر مربع وهو يمثل الديموقراطية أو الفكر اليبرالي الحر ويرمز إلى سيدة تحررت من قيود الاستبداد التي ألقيت عند إحدي قدميها تمسك هذه السيدة في يدها اليمني مشعلا يرمز إلي الحرية بينما تحمل في يدها اليسري كتابا نقش عليه بأحرف رومانية جملة 4 يوليو 1776 وهو تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي أما علي رأسها فهي ترتدي تاجا مكونا من 7 أسنة تمثل أشعة ترمز إلى البحار السبع أو القارات السبع الموجودة في العالم ويرتكز التمثال على قاعدة أسمنتية جرانيتية يبلغ عرضها 47 مترا ويبلغ طوله من القدم إلي أعلى المشعل 46 مترا بينما يبلغ الطول الكلي بالقاعدة 93 متراً ويتكون من ألواح نحاسية بسمك 2.5 مم مثبتة إلى الهيكل الحديدي ويزن إجمالياً 125 طنا ويحيط بالتمثال ككل حائط ذو شكل نجمي نجمة ذات 10 رؤوس وقد تم بناؤه في عام 1812 كجزء من حصن وود والذي استخدم للدفاع عن مدينة نيويورك أثناء الحرب الأهلية الأمريكية 1861-1865) وفي عام 1869 قام فريدريك بارتولدي بتصميم نموذج مصغر لتمثال يمثل سيدة تحمل مشعلا وعرضه على الخديوي إسماعيل ليتم وضع التمثال في مدخل قناة السويس المفتتحة حديثا في 16 نوفمبر من هذا العام لكن الخديوي إسماعيل إعتذر عن قبول اقتراح بارتولدي نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها هذا المشروع حيث لم يكن لدى مصر السيولة اللازمة لمثل هذا المشروع خاصة بعد تكاليف حفر القناة ثم حفل إفتتاحها لكنة قد صنع في مصر و كان في بور سعيد وسرق في هذا الوقت كانت الجمهورية الفرنسية الثالثه تتملكها فكرة إهداء هدايا تذكارية لدول شقيقة عبر البحار من أجل تأصير أواصل الصداقة بها لذلك تم التفكير في إهداء الولايات المتحدة الأمريكية هذا التمثال في ذكري احتفالها بالذكري المئوية لإعلان الاستقلال والتي يحين موعدها في 4 يوليو 1876 وبدأت الاستعدادات علي قدم وساق حيث تم الاتفاق علي أن يتولى الفرنسيون تصميم التمثال بينما يتولي الأمريكيون تصميم القاعدة التي سوف يستقر عليها من أجل ذلك بدأت حملة ضخمة في كل من البلدين لإيجاد التمويل اللازم لمثل هذا المشروع الضخم ففي فرنسا كانت الضرائب ووسائل الترفيه التي يستخدمها المواطنون وكذا اليناصيب هي الوسائل التي إستطاعت من خلالها فرنسا توفير مبلغ 2,250,000 فرنك لتمويل التصميم والشحن إلى أميريكا وعلى الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي كانت المعارض الفنية وتلك المسرحية وسيلة الأمريكيين لتوفير الأموال لبناء قاعدة التمثال وكانت يقود هذه الحملة السيناتور وعمدة نيويورك ويليام إيفارتز الذي أصبح وزير خارجية الولايات المتحدة فيما بعد غير أن هذا لم يكن كافيا مما حدي بـ جوزيف بوليتزر صاحب جائزة بوليتزر فيما بعد أن يقوم بحملة من خلال الجريدة التي كان يصدرها تحت اسم العالم ثم لاحقا تم اختيار موقع المشروع علي جزيرة الحرية التي كانت تعرف حينها باسم جزيرة بدلو حتي عام 1956 ومن ضمن هذه الجهود أيضا ما قامت به الشاعره الأمريكية إيما لازاروس حيث قامت بتأليف قصيدة تسمي قصيدة التمثال الجديد في 2 نوفمبر 1883 على أن هذه القصيدة لم تصبح مشهورة إلا بعد ذلك بسنوات كما سوف يأتي لاحقا وإزاحة الستار عن التمثال في 1886وهكذا توفرت الأموال الأزمة وقام المعماري الأميريكي ريتشارد موريس هنت بتصميم القاعدة وانتهى منها في أغسطس من العام 1885 ليتم وضع حجر الأساس في الخامس من هذا نفس الشهر وبعدها بعام إكتملت أعمال بنائها في 22 إبريل 1886 أما عن الهيكل الإنشائي فكان يعمل عليه المهندس الفرنسي يوجيني لو دوك لكنه توفي قبل الانتهاء من التصميم فتم تكليف غوستاف إيفل ليقوم بإكمال ذلك العمل وبالفعل قام إيفل بتصميم الهيكل المعدني بحيث يتكون من إطار رئيسي للتمثال يتم تثبيته في إطار ثاني في القاعدة لضمان ثبات التمثال وانتهت أعمال تصميم التمثال في فرنسا مبكرا في يوليو عام 1884 فتم شحن التمثال على الباخرة الفرنسية إيزري حيث وصلت إلى ميناء نيويورك في 17 يونيو 1885 وتم تفكيك التمثال إلي 350 قطعة وضعت في 214 صندوق لتخزينها لحين انتهاء أعمال بناء القاعدة التي سيوضع عليها والتي إنتهت في وقت لاحق لوصول التمثال وهكذا في 28 أكتوبر 1886 أي بعد انتهاء اكتمال بناء قاعدة التمثال 6 أشهر قام الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند بإفتتاح التمثال في احتفال كبير وقد ألقي فيه السيناتور وعمدة نيويورك الذي قاد حملة التبرعات ويليام إيفارتز كلمة بهذه المناسبة في عام 1903 تم وضع لوحة تذكارية من البرونز علي حائط قاعدة البرج الداخلية مكتوبا عليها كلمات الشاعرة الأميريكية إيما لازاروس بعد 20 عاما من كتابتها في 1883 وفي عام 1916 في إطار الحرب العالمية الأولى وقع انفجار في مدينة جيرسي ألحق أضرارا بالتمثال بلغت قيمتها 100,000 دولار أمريكي مما أدي إلي تحديد حجم الزائرين حتي تم الإصلاح وفي 15 أكتوبر 1924 تم إعلان التمثال والجزيرة كأثر قومي وتقوم بإدارتها إدارة الحدائق الوطنية وهي تـُعتبر الجهة الفيدرالية المنوط بها إدارة المناطق الآثرية في جميع أنحاء الولايات وفي 28 أكتوبر 1936 مثل اليوبيل الذهبي لإنشاء التمثال لذلك قام الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بإعادة إهداء التمثال والإعتراف بفضله علي الأمة الأمريكية أما في عام 1984 فقد إنضم التمثال إلي قائمة مواقع التراث العالمي التي تقوم بتصنيفها اليونسكو وبعدها بسنتين في عام 1986 واستعدادا للإحتفال بمئوية التمثال فقد تم عمل ترميم شامل له وتم تركيب طبقة ذهبية جديدة للمشعل تتلألأ عليها أضواء مدينة نيويورك ليلا وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 قامت السلطات الأمريكية بإغلاق التمثال والمتحف والجزيرة أمام الجمهور لمراجعة الإجراءات الأمنية وتطويرها ثم أعيد افتتاح الجزء الخارجي في 20 ديسمبر 2001 ظلت باقي الأجزاء مغلقة حتي تم افتتاح القاعدة مرة أخرى للجمهور في 3 أغسطس 2004 م أي بعد 3 سنوات من الإغلاق لكن لا يـُسمح بعد بالدخول إليه ويتعرض الزائرين لتفتيش أمني مشابه لذلك المعمول به في المطارات ضمن الإجراءات الأمنية الجديدة