أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

22 - قصر الحمراء

قصر الحمراء بغرناظه - تحفه العماره الاسلاميه بالاندلس
قصر الحمراء هو قصر أثري وحصن انتهى بناؤه في عصر بني الأحمر حكام غرناطة المسلمين في الأندلس بعد سقوط دولة الموحدين وهو من أهم المعالم السياحية بأسبانيا ويقع على بعد 267 ميلاً(430 كيلومتر)مدينة مدريد تعود بداية تشييد قصر الحمراء إلى القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي وترجع بعض أجزائه إلى القرن الثامن الهجري الموافق للقرن الرابع عشر الميلادي ومن سمات العمارة الإسلامية الواضحة في أبنية القصر استخدام العناصر الزخرفية الرقيقة في تنظيمات هندسية كزخارف السجاد، وكتابة الآيات القرآنية والأدعية بل حتى بعض المدائح والأوصاف من نظم الشعراء كابن زمرك وتحيط بها زخارف من الجص الملون الذي يكسو الجدران وبلاطات القيشاني الملون ذات النقوش الهندسية التي تغطي الأجزاء السفلى من الجدران وتقع الهضبة على الضفة اليسرى لنهر حدره حيث يقع قصر الحمراء ممتدة من غرب الشمال الغربي الي شرق الجنوب الشرقي على مساحة 142000 مترا مربعا بأبعاد 740 متر(2430قدم)طولا الي 205 متر(674 قدم)عند أعرض نقطة بها من أبرز المعالم هي(قصبة الحمراء)وهو حصن يحتل مكانا منيعا من الهضبة وباقي الهضبة محاطة بسور أضعف نسبيا مع وجود ثلاثة عشر برج بعضها لأغراض دفاعية وعلى مرتفع مجاور للحمراء تقوم جنة العريف وهي حديقة من منشآت ملوك بني نصر وتحتوي على أجنحة وأروقة محاطة بحدائق جميلة تسقى من خلال قنوات ونوافير ماء وثمة خلاف بشأن سبب تسمية هذا المعلم البارز بإسم قصر الحمراء فهناك من يرى أنه مشتق من بني الأحمر وهم بنو نصر الذين كانوا يحكمون غرناطة بين عامي 629 و897 هـ/1232 و1492م بينما يرى آخرون أن التسمية تعود إلى التربة الحمراء التي يمتاز بها التل الذي تم تشييده عليها ومن التفسيرات الأخرى للتسمية أن بعض القلاع المجاورة لقصر الحمراء كان يُعرف منذ نهاية القرن الثالث الهجري الموافق للقرن التاسع الميلادي باسم المدينة الحمراء بداية لم يكن قصر الحمراء سوى جزء من مدينة الحمراء أو«قصبة الحمراء»التي تشمل قصر الحاكم والقلعة التي تحميه وكانت مباني دور الوزراء والحاشية تنمو مع الوقت حتى غدت قاعدة ملكية حصينة وعندما تولى زعيم البربر باديس بن حبوس حكم غرناطة بعد ظهور دول الطوائف في بداية القرن الخامس الهجري أنشأ سوراً منيعاً حول الهضبة التي قامت عليها «قلعة الحمراء» وبنى داخل هذا السور قصراً أو مركز حكومته وسميت القلعة «القصبة الحمراء» وصار قصر الحمراء جزءاً منها وغدت معقل غرناطة الهام واتخذ محمد بن الأحمر النصري مركزه في القصبة عام 635هـ/1238م وأنشأ داخل أسوارها قصره الحصين واتخذه قاعدة لملكه وجلب إليه الماء من نهر حدرّه وأنشأ حوله عدة أبراج منيعة وفي أواخر القرن السابع الهجري أنشأ محمد بن محمد بن الأحمر الغالب بالله ثاني سلاطين غرناطة مباني الحصن الجديد والقصر الملكي ثم أنشأ ولده محمد في جوار القصر مسجداً قامت محلّه فيما بعد كنيسة سانتاماريا تم الأنتهاء من بنائة قبالة نهاية حكم المسلمين في الأندلس على يد يوسف الأول(1333-1353)ميلادي(733-754)هجري و محمد الخامس سلطان غرناطة(1353-1391)ميلادي(754-792)هجري مع انقطاع بين سنتي 760 و763 خُلع خلالهما عن الحكم ثم عاد إليه مجدداً ليبدأ في المرحلة الثانية من حكمه أهم التطويرات ويكتب أغلب الأشعار التي يزدان بها القصر وقصر الحمراء جزء من معالم مدينة غرناطة الأثرية الواقعة على بعد 267 ميلاً جنوب مدينة مدريد ويعد قصر الحمراء واحداً من أروع القصور في تاريخ العمارة الإسلامية ومن أعظم الآثار الأندلسية الباقية حتى اليوم بما حواه من بدائع الصنع والفن وقد زيّن صناع غرناطة المهرة القصر بأبدع نماذج لا تستطيع البشرية الإتيان بمثله والحمراء عبارة عن مجموعة أبنية محاطة بأسوار تقع على ربوة عالية تسمى السبيكة في الجانب الشمالي الشرقي من مدينة غرناطة وهذه الأبنية على ثلاثة أقسام:القسم العسكري ويقع شمال شرقي القصر وهو عبارة عن قلعة تحرس الحمراء ولها برجان عظيمان ثم القصر الملكي في الوسط ثم الحمراء العليا المخصصة للخدم يتحدث القصر عن مملكة غرناطة وملوكها وحضارتها وآثارها وجهادها دفاعاً عن استقلالها حينما غدت آخر معاقل العرب والمسلمين في شبه جزيرة إيبرية وبعد أن تلألأت حضارتها نحو مئتي سنة انطفأت مشاعلها وظهرت مبانيها دون حياة وتقع مدينة الحمراء فوق هضبة مرتفعة يبلغ طولها بين 736م و740م وعرضها نحو 200م يحيط بها سور ضخم بقيت منه أجزاء كبيرة وللسّور أبراج وأبواب عدة مازال معظمها حتى اليوم ومن أهم الأبراج الباقية:برج قُمارش فوق قاعة السفراء وبرج المتزين وبرج العقائل وبرج الآكام وبرج الأسيرة وبرج الأميرات والجدير بالذكر أن هذه الأبراج تقع في شمال الهضبة وتطلّ على مدينة غرناطة الجميلة والمرج وهناك برج الماء في الطرف الشرقي من الهضبة وبرج الرؤوس في جنوب الهضبة وأهم الأبواب الباقية هي:باب الغدور وباب الطّباق السبع وهناك برج بهذا الاسم وقيل أن أبا عبد الله الصغير استقبل الإسبان يوم التسليم في هذا المكان وباب الشريعة المدخل الرئيسي حالياً للحمراء وباب السّلاح في شمال القصبة قرب برج الحراسة وباب الشراب داخل الأسوار وفي الطرف الغربي من الهضبة تقع بعد القصبة قلعة قديمة اسمها حصن الأبراج الحمراء ويتميز موقع هضبة الحمراء بجمال الطبيعة ويطلّ من جهة الشمال والغرب على مدينة غرناطة وبرجها البديع كما يشرف من جهة الشرق والجنوب على آكام جبال سييرا نيفادا المعروفة عند العرب باسم جبل شُيلّر أو جبل الثلج وهي قريبة إلى أحياء المدينة في الجهة الشمالية الغربية وتشرف على مجرى نهر حدرّة وعلى حي البيّازين (البائسين) وحل محل مسجد الحمراء في وسط الهضبة في جنوب الروضة مبنى كنيسة سانتاماريا وقد أمر السلطان محمد الثالث 1302-1309 ببنائه وجعله أفخم مساجد غرناطة وقضى شارلكان على تراث الأندلس وآثارها وهدم قسماً كبيراً من قصر الحمراء ليبني قصره عام 1527م وتابع ولده فيليب الثاني(1556-1598)تخريب قصر الحمراء وتشويهه وأدى الإهمال إلى الخراب وفي عام 1590 حدث حريق ألحق الضّرر بهذا القصر الأثري وفي فترة الغزو الفرنسي نسف الفرنسيون بعض أبراج قصر الحمراء ومنذ منتصف القرن التاسع عشر أدركت إسبانية أهمية هذا القصر وفائدة المحافظة عليه للسياحة لقد قضى الإسبانيون على دولة غرناطة ولكن آثار العرب والمسلمين فيها مازالت خالدة تبهج الأبصار وتملأ النفوس بمشاعر الحزن