جعلت الثورة الحديثة في القاهرة من ميدان التحرير اسماً على كل لسان فلم يتخيل أحد وإن كان مؤرخاً ألَّف كتاباً عن المدينة أن هذا المكان العام المسمَّى بما يليق به سيشعل النار التي توهجت في الشرق الأوسط كله إن التحرير هو أحد أقدم الميادين في القاهرة الحديثة فإن صور الميدان التي أُذِيعت مؤخراً أثناء التغطية الإعلامية للثورة تلك الصور المنقوشة الآن في عقول الناس في كل أنحاء المعمورة قد التُقِطَت من على أسطح المباني القليلة الشاهقة الواقعة جنوب الميدان وخلف هذا الموقع بالضبط وبالنظر في اتجاه الشمال والغرب تجد مجموعة من المباني المطِلة التي تأسر تاريخ مصر الحديث وترسم الأحداث الثورية في ميدان التحرير كما كانت عليه بشكل مؤثر تساعد صورة ميدان التحرير في اوائل الستينيات في رواية هذه القصة حيث يظهر تحت برج القاهرة المركز الرئيسى لجامعة الدول العربية وبجوارها فندق هيلتون سابقاً الذي يتم تجديده حاليّاً باسمه الجديد ريتز كارلتون ويقع في شمال الفندق المتحف المصري وخلف المتحف يقع المبنى الذي أصبح فيما بعد مركزاً لقيادة الحزب الوطني الديمقراطي حزب حسنى مبارك وفي الجهة الأمامية منه توجد قاعدة بلا تمثال فى منتصف ميدان أخضرويؤدِّي كل مَعْلَم من هذه المعالم دوراً في جعل القاهرة مدينةً حديثة تلك المدينة البالغة من العمر أربعة آلاف عام وبينما يتفق معظم العلماء أن عمر المدينة ألف عام ولكن الاتساع الحضاري لها في القرن العشرين ابتلع كل القرى من ممفيس الى الجيزة جاعلاً القاهرة تبدو أقدم مما هي عليه بآلاف من السنين ولقد شهد ميدان التحرير أول مظاهرات ذات شأن في الفترة نفسها فقد أثارت معارضة الوجود البريطاني في مصر الاحتجاجات والمصادمات وقتلت الشرطة أربعة وعشرين مصريّاً في الحادي عشر من فبراير عام ١٩٤٦م في عصر قدماء المصريين كان ميدان التحرير عبارة عن رقعة من الصحراء وما إن بنى الفاطميون القاهرة التي تحوَّل اسمها فيما بعدُ في اللغة الإنجليزية إلى كايرو فى القرن العاشر الميلادي كان نهر النيل قد غيَّر مجراه وابتلع مساحة كبيرة من هذه الأرض وأصبحت المنطقة فيما بعد عبارة عن مستنقع يغطيه الماء أثناء مواسم الفيضانات وبنهاية القرن الثامن عشر وفي الوقت الذي احتلَّ فيه نابليون القاهرة كانت الأرض قد جفَّت بدرجة تسمح للفرنسيين بأن يقيموا معسكراتهم هناك ولم تكن شبكة السدود التي بُنِيَت للتحكم في فيضان النهر قد ظهرت حتى عصر محمد علي مؤسس مصر الحديثة وقد أدت هذه السدود إلى استقرار ضفاف النيل في القاهرة ومنذ 200 عام كانت منطقة وسط البلد وميدان التحرير في القاهرة عبارة عن مستنقعات يغمرها النيل في مواسم الفيضان ثم ينحسر ليترك بركاً متناثرة تتحوّل موطناً للذباب ومصدراً للأمراض على رأسها الكوليرا إلى أن قرر الخديوي إسماعيل رائد الانبهار بالحضارة الغربية إعادة تخطيط وبناء مدينة في منطقة المستنقعات مدينة قرر من البداية أن يمنحها اسم باريس الشرق ويستورد المهندسين ليصمّموها بشكل يحاكي العاصمة الفرنسية ولهذا فالتخطيط الأولي لميدان التحرير هو ذاته تخطيط ساحة شارل ديغول في باريس وغدت المنطقة أبهج مناطق القاهرة وأكثرها عمراناً وسكنها الأمراء والأغنياء ومع انتهاء أعمال بنائه اتخذ الميدان اسم ميدان الإسماعيلية نسبة إلى الخديوي قبل أن يطلق عليه منذ الخمسينيات ميدان التحرير بعدما ارتبط بالحراك والوعي السياسي المصري ومنذ ظهوره بشكله الحديث في نهايات القرن التاسع عشر ضم الميدان ما يعرف باسم ثكنات قصر النيل في الجيش المصري التي شكلت طلائع الثورة العرابية التي قادها أحمد عرابي في عام 1882 ضد القصر حيث ظهرت العبارة الأيقونة للوعي السياسي المصري لقد خلقنا الله أحراراً ولن نستعبد بعد اليوم وانتهت ثورة عرابي بسبب تعاون القصر والقوى الاستعمارية الإنكليزية وظهر في الطرف الثاني من الميدان من جهة الكورنيش ما يعرف بثكن الإنكليز التي هدمت وأنشئ مقرّ جامعة الدول العربية الحالي بعد خروج الاستعمار الإنكليزي ومع بداية القرن العشرين كانت الكثافة السكانية ترتفع في منطقة الميدان وتقتحمها عائلات الطبقة الوسطى بعدما كانت حكراً على رجال القصر وعليّة القوم من الجيش وفي عام 1900 افتتح المتحف المصري عند مدخل الميدان من جهة شارع رمسيس كما نقلت مقارّ أبرز مؤسسات الدولة المصرية الوليدة لتحيط بالميدان من كل اتجاه بداية من المؤسسة الصحية القصر العيني في جنوب الميدان وحتى المؤسسات المالية والإدارية والأوقاف في شرق الميدان من جهة حي السيدة زينب إلى جانب وجود عدد كبير من الشوارع المؤدية إلى ميدان العتبة مركز الحركة التجارية الأول في قلب القاهرة كل هذه الأمور أكسبت الميدان وجوداً حيوياً ومركزياً في المدينة فهو نقطة ارتكاز لجميع خطوط المواصلات ومعظم سكان القاهرة يمرّون عبره يومياً ولهذا كان الميدان البقعة المفضّلة للتظاهرات السياسية لسهولة الوصول إليه وتجمع الناس عنده وُلِدَ ميدان التحرير حقلاً أخضرَ وكان الميدان عبارة عن مكان مفتوح تبلغ مساحته ٥٠٠ فدان ويضم حقولاً مزروعة وحدائق والعديد من قصور العائلة المالكة فى عهد الخديوي إسماعيل وقد اشتهر إسماعيل حفيد محمد علي بمؤسس القاهرة الحديثة حيث إن إسماعيل كان يعيش في باريس أثناء إعادة بناء المدينة على يد بارون هاوسمان فقد باشَرَ إسماعيل مشروع تحديث مدينة القاهرة بعدة طرق كان من بينها بناء حيٍّ سُمِّيَ فيما بعد باسمه وفى وسط هذا الحي كان هناك ميدان حَمَل الاسم نفسه ميدان الإسماعيلية واتُّخِذَ ميدان التحرير مكاناً عامّاً رسميّاً منذ ذلك الوقت لم يتخذ الميدان مع ذلك شكلاً معيناً حتى تم بناء المتحف المصري في الجانب الشمالي الشرقي منه وقد أغرقت مشروعات التحديث الذي قادها الخديوي إسماعيل البلادَ في ديون ثقيلة وكان إسماعيل أول حاكم لمصر الحديثة يُخْلَع من السلطة وفى هذه الحالة وكانت القوى الأجنبية صاحبة هذا الفعل وكان الاحتلال البريطاني لمصر أحد النتائج المترتبة على سنوات الضعف في القرن التاسع عشر وبالفعل أقام الإنجليز قواتهم غرب الميدان في الإسماعيلية وقد أطلق المصريون على هذا المكان اسم الثكنات الإنجليزية وفي بدايات القرن العشرين بزغ حي الإسماعيلية مركزاً للقاهرة الحديثة وامتد باتجاه الميدان الذي كان من الضروري أن يعاد تخطيطه لتسهيل سير مركبات المرور الحديثة في القاهرة ولذلك أُنشِأ دوار في الجزء الجنوبي من الميدان وبعد عقود قليلة أثناء فترة حكم الملك فاروق وُضِع في المكان قاعدة فارغة لتمثال وأمر فاروق ببناء تمثال لجده الأكبر الخديوي إسماعيل ليوضع على هذه القاعدة وأثناء ذلك الوقت بُنِي المركز الرئيسى لجامعة الدول العربية أيـضاً وبالتالي تحدد الجانب الشرقي للميدان وبدأ ميدان التحرير يتشكل وشهد الميدان أول مظاهرات ذات شأن في الفترة نفسها فقد أثارت معارضة الوجود البريطاني في مصر الاحتجاجات والمصادمات وقتلت الشرطة أربعة وعشرين مصريّاً في الحادي عشر من فبراير عام ١٩٤٦م وفي اليوم نفسه وبعد مرور خمسة وستون عاماً أُجِبَر الرئيس مبارك على التنحي فهل هذا من قبيل المصادفات التاريخية وفي الستينيات أصدر الرئيس عبد الناصر مرسوماً حكوميّاً يقضي بتغيير اسم الميدان من الإسماعيلية إلى التحرير لتخليد ذكرى رحيل الإنجليز عن مصروسيراً على المنوال نفسه هَيَّج الاستياء من حكومة الملك فاروق مجموعة أخرى من الاحتجاجات التي أدت الى حريق القاهرة في الخامس والعشرين من يناير عام ١٩٥٢م وقد أُضرمت ألسنة اللهب بعدد قليل من المباني في الميدان وفي اليوم نفسه تقريبا وبعد مرور تسعة وخمسين عاماً نزل الشعب المصري بأعداد لم يسبق لها مثيل للاحتجاج ضد الحكومة وربما يكون هذا أيـضاً من قبيل المصادفة التاريخية وكان حريق عام ١٩٥٢م تمهيداً لانقلاب عسكري قاده جمال عبد الناصر في الثالث والعشرين من يوليو والذي حوَّل مصر من مملكة تغطُّ في سُبات عميق إلى جمهورية ثائرة وأخيراً نُسِب ميدان التحرير إلى اسمه في بداية الستينات بُنِيَ فندق هيلتون على موقع الثكنات العسكرية القديم وبجواره مبنى كان من المخطَّط له أن يكون المجلس المحلي للقاهرة ولكنه أصبح مركزَ قيادةِ الاتحاد العربي الاشتراكي لعبد الناصر الحزب الوحيد الذي حكم مصر معظم فترة حكمه وكان هذا هو المبنى الذي وَرِثه الحزب الوطني الديمقراطي فيما بعدُ وقد أحرقه المحتجون أثناء المظاهرات الأخيرة فى عام ٢٠١١م وفي مفارقة ساخرة يصل تمثال الخديوي إسماعيل جد الملك فاروق إلى مصر بعد أسابيع قليلة من ثورة ١٩٥٢م وبالطبع لم يوضع على قاعدته أبداً وقد كان رمز القاعدة الشاغرة التي هي أثر للمَلَكية البائدة في مصر مَعْلماً تركه عبد الناصر دون أن يمسَّه وظلت هذه القاعدة في مكانها حتى السبعينيات حين تطلب إنشاء نظام المترو إزالتها وفي عهد الرئيس أنور السادات فاز ميدان التحرير بأول محطات مترو القاهرة التي سُمِّيت باسم السادات في فترة حكم مبارك وأُطْلِقَ على المنطقة الجنوبية من الميدان اسم السادات أيـضاً على الرغم من أن أهل القاهرة لم يشيروا إليه بهذا الاسم أبداً فقد قصروا استخدامه على محطة المترو فقط آمَنَ المصريون وقتاً طويلاً بأن الثالث والعشرين من يوليو ١٩٥٢م هو يوم ثورتهم ولكنهم لم يدركوا أبداً أن ميدان التحرير هو رمز لتحررهم وقد تغيَّر ذلك كله في الخامس والعشرين من يناير عام ٢٠١١ م ومن السابق لأوانه الآن أن نستوعب الأثر الكامل لما حدث في ميدان التحرير خلال الثمانية عشر يوماً من الخامس والعشرين من يناير إلى الحادى عشر من فبراير ٢٠١١ ومهما يكن فإن مصر والعالم العربي لن يكونا أبداً كما كانا عليه مرة أخرى لقد أعطت وسائل الإعلام الاجتماعيه روحاً جديدة لمدينة القاهرة وتركت لدينا انطباعا بأن هذا المكان العام سيبقى دائماً ميداناً نابضاً بالحياة للخطابات العامة والتغيير الثورى حيث شهد الميدان الكثير من التظاهرات القوية في القرن العشرين بدايةً من تظاهرات ثورة 1919 حتى خروج أول تظاهرة تطالب بسقوط الملك فاروق في عام 1946 وبعد سيطرة الجيش على مقاليد الحكم في تموز 1952 شهد الميدان واحدة من أقوى الثورات المؤيدة له لكنها في الوقت نفسه سلّطت الأضواء على أهمية الميدان وخطورة التظاهرات فيه سنوات مرّت قبل أن تتسبّب هزيمة 1967 بعودة المصريين إلى الميدان وعلى استحياء بدأت التظاهرات تتجه إلى الميدان للمطالبة بمحاكمة المسؤولين عن الهزيمة وضرورة الثأر واستعادة الأرض لكن في عام 1972 تدفقت تظاهرات طلبة الجامعة وغيرهم من فئات الشعب على الميدان مطالبةً الرئيس أنور السادات بإنهاء حالة اللاحرب واللاسلم وكانت تظاهرات 1972 هى الأكبر والأقوى حيث تمكن المتظاهرون من تحرير الميدان من قوات الأمن والاعتصام بداخله لم تستطيع قوات الأمن فضّ الاعتصام إلا بمجزرة عنيفة لا تزال حاضرة بقوة في أذهان كل من حضروها وكان الميدان وكل من حضروا تلك التظاهرة عناصر الإلهام الأساسية التى استمدها أمل دنقل في قصيدته الشهيرة الكعكة الحجرية أما في عهد حسني مبارك فابتعد الميدان عن المتظاهرين وعملت السلطات الأمنية طوال عقود طويلة على الحفاظ عليه تحت سيطرتها وعدم التنازل عنه تحت أي ظرف للمتظاهرين الذين تقوقعوا لسنوات أمام سلّم نقابة الصحافيين وأسوار مجلس الشعب ربما يكون الاستثناء الوحيد بعض التظاهرات التى ترضى عنها السلطة وتكون في الغالب لدعم القضية الفلسطينية أو للاحتفال بالفوز بكأس أفريقيا لكن في عام 2003 خرج الوضع في ميدان التحرير عن سيطرة أمن مبارك للمرة الأولى حيث وصل عدد المتظاهرين والرافضين للحرب على العراق إلى أكثر من خمسين ألف شخص ولم تنجح قوات الأمن في تفريقهم إلا بخراطيم مياه عربات الإطفاء وفرق الكارتية والبلطجية المتنوعة وفي 25 من يناير 2011 عاد الشعب للتظاهر من جديد في ارض ميدان التحرير مطالبين باسقاط النظام منقول من نزار السيد هو أستاذ العمارة وتاريخ العمران ورئيس مركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة كاليفورنيا بيركلي ومؤلف الكتاب الصادر مؤخراً القاهرة تواريخ مدينة نشر تاريخ ميدان التحرير فى مدونة دار نشر جامعة هارفارد فى 1 أبريل 2011.
تخطيط ميدان التحرير عبر العصور:
وفى عام 1904 أثار الصحفيين والمهندسين المعماريين والرأي العام مسألة موقع ثكنات قصر النيل بحجة أنها لم يعد مناسبا أن يكون رمز الاحتلال الأجنبي قريبا جدا من المدينة وبجوار رمز الحضارة المصرية القديمة المتحف المصرى وقد وضع موسى قطاوي باشا تخطيطا للمنطقة يتم فيه هدم ثكنات قصر النيل وتقام مجموعات سكنية فاخرة تحيط بالمتحف المصرى وقد وضع فى تخطيطه أن الشارع الجديد شارع الخديوي إسماعيل سيؤدي إلى مدخل المتحف وعلى جانبيه ساحات متعددة بها تماثيل فرعونيه تحدد معالم هذا الشارع كانت المباني في تخطيط قطاوي باشا تصل الى شاطئ النيل وتقوم على تخيل المنطقة بدون الثكنات البريطانية وقد حاول تخطيط قطاوي باشا حل مسألتين رئيسيتين هما خلق البيئة الملائمة للمتحف المصري والاستمرار في النسيج العمراني للمنطقة الاسماعيلية لملء ساحة المدينه حتى هذا الوقت أى المنطقة الفراغ والتى كانت تحتل موقعا رئيسيا في المدينة ولم يعنى هذا التخطيط بانشاء المناطق العامة المفتوحة فقد راعى التخطيط وضعها مع الساحات والحدائق في أماكن أخرى من القاهرة وتخطيط قطاوى باشا للميدان سنة 1904 وتجد فيه كوبرى قصر النيل من ناحية النيل والشوارع القادمه من قصر عابدين الى الميدان ولكن عيبه انه تخطيط لتحويل الميدان الى منطقة سكنيه فى معظمه وعلى الرغم من الجاذبيه فى خطة قطاوي باشا لم تكن هناك اية نية لهدم الثكنات لان قوات الاحتلال لن ترضى بهذا ابدا ومع ذلك بعد تنفيذ معاهدة 1936 وبعد خروج القوات البريطانية من المنطقة وأصبح هدم هذا المبنى الضخم وشيكا ارتفعت الحماسة في وسائل الإعلام والصحفيين والمهندسين المعماريين نحو ايجاد أفكار عما يجب فعله مع المنطقة وتبارى الجميع فى تقديم الاقتراحات و كان اهمها واكثرها قبولا ما نشره محمد ذو الفقار بك من تخطيط لإعادة تصميم منطقة قصر النيل وميدان الاسماعيليه فى مجلة المصور في أبريل سنة 1947 وتركز تخطيطه فى أن يصبح ميدان الاسماعيليه المركز الثقافي والسياسي للمدينة وترجم هذا من خلال تجميع المباني الإدارية لمختلف الوزارات والادارات الحكومية وعدد من المتاحف بالإضافة إلى مجموعة من التماثيل التذكارية للعائلة العلويه وتحيط بها الحدائق العامة الواسعة وتخطيط محمد ذو الفقار بك الذى نشرتة المصور ابريل سنة 1947 وهو تخطيط اكثر من رائع وكان سينقل مصر نقله حضاريه كبيرة ولكن انشغال حكومة النقراشى باشا فى عديد من الازمات اهمها بوادر حرب 1948 أدى الى أن يذهب هذا المشروع ادراج الرياح وعلاوة على ذلك تضمنت الخطة بناء برلمان جديد على غرار الكابيتول فى العاصمة الاميركيه وكان البرلمان المقترح فى التخطيط يقع في موقع الثكنات البريطانية لتحل الهيئة التشريعية الدستورية في مصر محل موقع الاحتلال الأجنبي وهى نقطه فى غاية الاهميه ومع اعلان عناصرالتخطيط المقترح ذكر الوصف أن الحياه الرسمية والسياسية والحياة الثقافية في العاصمة ستكون موحدة في المركز الجديد لإعطاء السياح والزوار رؤية واضحة لمصر المدنية الحديثة و تراثها القديم ويمزج فى راحة بين الراقة والاصاله مع الحداثة والمدنيه وقد نشأت هذه الافكار من الروح القومية المناهضة للاستعمار في ذلك الوقت ومرة أخرى لم تتحقق هذه الخطة بالكامل ولكن نفذت عناصر ضئيله منها مثل إنشاء بعض المساحات المفتوحة العامة ومبنى إداري مجمع التحرير ومن دواعى الاسف ان خطة محمد بك ذو الفقار لم ينفذ منها الا مجمع التحرير فقط والذى أنشأ سنة 1951 وتكلف حوالى مليون ومائتى الف جنية وكانت اول فكرة تنفذ فى الشرق لتجميع الخدمات للمواطن فى مبنى واحد وصصمه المهندس محمد كمال اسماعيل وحصل على البكويه ونيشان النيل لانشائة عدة مبانى اخرى وتم تجميل الميدان واقيمت له قاعدة رائعه من المرمر ليوضع عليها تمثال الخديوى اسماعيل الذى كان يصنع فى ايطاليا وانتهى صنعه بعد 23 يوليو 1962 ولذلك ظلت القاعده خاوية حتى تم ازالته اثناء حفر ميرو الانفاق ويعلم الله اين هى الان وتم هدم الثكنة لكن موقعها ظل شاغرا حتى بنى محلها جامعة الدول العربيه وفندقا ومبنى اصبح مقرا للحزب الحاكم بعد 23 يوليو مرة أخرى حدث تحول فى الوضع السياسي و تم تغيير اسم المنطقة التي تعرف باسم ميدان الخديوى اسماعيل فى أغسطس عام 1952 الى ميدان الحرية ثم في 2 يوليو 1954 وفى اطار إزالة كل كل ما يمت للعائلة العلوية بصله تم تغيير مسميات 15 شارعا من اهم شوارع القاهرة الى اسماء تتماشى مع خط انقلاب 1952 أصبحت منطقة ميدان الحرية تغير اسمها الى ميدان التحرير وكانت محلا للمسيرات السنوية للاحتفال بالانقلاب و في عام 1953 قام المهندس المعماري سيد كريم فى وقت التحول الزلزالي في السياسة المصرية نشر تخطيطا أملا في التأثير على النظام الجديد ونشر في مجلته مجلة آل العمارة ومصر المعماري الرائدة إعادة تصميم منطقة ثكنات قصر السابقة دعى التخطيط لبناء فندق في موقع ثكنات قصر النيل مع كازينو يمتد إلى النيل وهدم للمتحف المصري واستبداله بمبنى متعدد المستويات قال أنه سيكون متحف الحضارة المصرية و مبان لوزارة الشؤون الخارجية وادارة الاذاعة والتلفزيون وأخيرا سلسلة من التماثيل تمجد ثوره 1952 ونصب تذكاري ضخم للجندي المجهول وقد صممه الفنان فتحي محمود ولكن رؤية كريم مثل آخرين قبله لم تنفذ أبدا.من مدونه أحمد حافظ.
معالم هامه في الميدان
قام الخديو اسماعيل فى عام 1874 بعمل الكورنيش وإقامة الكبارى حتى تم ردم هذه المنطقة وتم تقوية وتكسية الضفة الشرقية لنهر النيل فى الفترة من ستينيات الى سعينيات القرن الثامن عشر وأقيم كوبرى الخديوى اسماعيل قصر النيل الان وفى فترة انشاء الكوبرى الذى كان اول كوبرى فى مصر وربما فى افريقيا اطلق العامه على الميدان اسم ميدان الكوبرى وفور أن اقيم الكوبرى اتجهت الانظار الى هذه البعقه التى تطل على النيل والتى اصبح لها اهمية بالغه وكان اول من عمر هذه المنطقه الخديوى اسماعيل وانتشرت القصور حول ميدان التحرير واقيمت القصور على ضفاف النيل ومن القصور الرائعه التى كانت تطل على ميدان التحرير الاتى :
1 - قصر الدوبارة مقر السفارة البريطانية أو قصر الوالده باشا اختفى قصرالوالدة باشا الذى كان داخل قصر الدوبارة عندما باعه الأمير محمد علي توفيق لمجموعة من المطورين في عام 1947 بعد وفاة والدته أو الوالدة باشا والملكة الأم وقد استبدل بعد ذلك بستة مبانى منها مبنى فندق شيبرد.
2 - قصر النيل الذى بناه الخديوى اسماعيل نفسه وكان اول من بنى على ميدان التحريرولذى أصبح مقرا لمجلس الوزراء قصر النيل الذي بني حوالي عام 1854 في عهد الوالي سعيد باشا وعمل به المعماريين الايطاليين Pantanelli وPiattoli وفي عام 1868 في عهد الخديوي إسماعيل اصبح مقر لزوجاته ثم لفترة من الوقت أصبح المقر المؤقت لمجلس الوزراء وفي وقت لاحق المقر الرئيسي لوزير الحرب المصرى تمهيدا لتحويله إلى ثكنات للجيش البريطاني اثناء الاحتلال.
3 - ثكنات قصر النيل التى اقامت مكان قصر النيل وامامها ميدان التحرير ومكانها الان فندق هيلتون وجامعة الدول ومبنى الحزب الوطنى.
4 - قصر الامير كمال الدين حسين الذى اصبح مقرا لوزارة الخارجية الان.
5 - قصر المنيرة الذى أصبح مركز البعثة الاثرية الفرنسية.
6 - القصر العالى أو قصر ابراهيم باشا الذى كان مسرحا لكثير من حفلات الزفاف الملكية مما مهد الطريق لاقامة جزء من منطقة جاردن سيتي.
7 - قصر الإسماعيلية حيث يقف اليوم مكانه مجمع التحريرو قبل ان يختفى كان المقر الرسمي لغازي مختار باشا المفوض السامي العثماني لمصر.
8 - قصر احمد خيرى باشا الذى اصبح اسمه Nestor Ginaclis وكان مصنعا للسجائر ثم مقرا للجامعه الاهليه ثم الجامعه الاميريكيه
9 - من المبانى الرائعه التى كانت طل على الميدان ايضا فيلا اقيمت على الطراز العربى للسيده هدى شعراوى وللاسف تم هدمها والان هى موقف سيارات.
10 - واطلق على الشارع الذى يقود من كوبرى قصر النيل كوبرى الاسماعيليه فى هذا الوقت اطلق على الشارع الذى يقود من الكوبرى الى قصر عابدين اسم شارع كوبرى الاسماعيليه ومن ثم اصبح الميدان ميدان الكوبرى ثم ميدان كوبرى الاسماعيليه ليصبح بعدها اختصارا ميدان الاسماعيليه ثم ميدان الخديوى اسماعيل ومن ثم اصبح الشارع شارع الخديوى اسماعيل .
11 - من الغريب انه بعد حوالى عشر سنوات من بناء الكوبرى الذى تم بنائة عام 1872 اطل علي النيل مبنى يضم قيادة القوات البريطانيه واصبح الميدان نفسه منطقة عازله بين القاهرة الخديوية وثكنات الجيش البريطانى .
12 - فى 15 نوفمبر عام 1902 افتتح الخديوي عباس حلمي ومعه أول أمين للمتحف غاستون ماسبيرو باشا متحف الاثار المصريه الذى صممه على الطراز النيو كلاسيك الفرنسي Marcel Dourgnon وبنته الشركه الايطاليه Guissepe Garozzo & Francesco Zaffrani ليضم انفس اثار العالم بعد ان ظل ينتقل من قصر الى آخر فى سعى حثيث من الاسرة العلوية للحفاظ على الكنوز والنفائس الفرعونيه.
أسماء ميدان التحرير:
عبر تاريخها الطويل مر ميدان التحرير بسلسله من الاسماء التى لطلقت عليه نلقى الضوء عليها ونحصرها فى الاتى :
1 - ميدان الكوبري
2 - ميدان الاسماعيلية
3 - ميدان الخديوي اسماعيل من 1/6/1933
4 - ميدان الحرية من أغسطس 1952
5 - ميدان التحرير من سبتمبر 1954
6 - ميدان أنور السادات بعد مقتله في 6/10/1981 إلا أن هذه التسمية لم يستعملها أحد
منذ 25 يناير أطلق الشعب علي ميدان التحرير ميدان الحرية والبعض الآخر ميدان الشهداء وشبهته بعض الصحف بــ"هايد بارك"
تواريخ هامه للميدان :
1 - في السنوات الأخيرة من عهد الملك فاروق تم البدء في إنشاء المجمع الإداري المعروف بمجمع التحرير حاليا وهو ذلك المبني المعقد الكبير الذي يشمل عشرات الحجرات ويمثل نموذجا للبيروقراطية المصرية كما تمت أقامة قاعدة رخامية في وسط الميدان أستعدادا لوضع تمثال للخديوي اسماعيل عليها.
2 - بعد قيام الثورة في 23 يوليو 1952 تم تغيير أسم الميدان من ميدان الإسماعيلية إلى ميدان التحرير كناية على التحرر من أسرة محمد على وإلي التحرر من الإستعمار البريطاني وتم الإبقاء على القاعدة الرخامية في وسط الميدان بدون أن يقام عليها تمثال الخديوي إسماعيل.
3 - في 25 يناير 1952 وقبل قيام الثورة بستة أشهر شهد ميدان التحرير حريق القاهرة الذي أدي إلى أحتراق عدد هائل من المباني التاريخية الأثرية مثل فندق شيبرد القديم.
4 - في نوفمبر 1956 وبعد العدوان الثلاثي على مصر تحول الميدان إلى مكان التجمع الرئيس للمصريين للحشد والتطوع ضد الإحتلال في بورسعيد.
5 - في عام 1964 شهد ميدان التحرير أنعقاد أول مؤتمر قمة عربي في مبني الجامعة العربية الذي اصبح أحد المعالم الرئيسية للميدان.
6 - في 9 يونيو 1967 وعندما قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التنحي عن منصبه بعد نكسة الهزيمة في 5 يونيو من ذلك العام أنطلقت حشود هائلة من الناس إلى الميدان ترفض قرار التنحي وتتوجه منه إلى مقر إقامة عبد الناصر في منشية البكري لإثنائه عن التنحي.
7 - في سبتمر 1968 شهد الميدان مظاهرات عارمة وخصوصا من الطلاب والشباب ضد الأحكام التي صدرت ضد المسئولين عن هزيمة 1967 وطالبوا بالمزيد من الحرية والديمقراطية مما دعا عبد الناصر إلى اصدار ماسمي ببيان 30 مارس 1968.
8 - قبل وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 شهد ميدان التحرير إنعقاد واحد من أشهر مؤتمرات القمة العربية والذي أنعقد في فندق الهيلتون الموجود في الميدان والذي خصص لفض الإشتباك بين الملك حسين والمقاومة الفلسطينية .
9 - بعد أن تولي أنور السادات وبالتحديد في يناير 1972 شهد الميدان أكبر المظاهرات الطلابية من جامعة القاهرة ضد أنور السادات فقد قام الشباب سيرا على الأقدام من الجامعة إلى كوبري عباس وحتي شارع القصر العيني متهمين السادات بالنكوص بعهده في شن حرب اسرائيل ردا على عدون 1967 وكان السادات قد وعد أن يكون عام 1971 هو عام الحسم العسكري مع اسرائيل.
10 - في أكتوبر 1973وبعد عام واحد من الثورة ضد السادات شهد الميدان من جديد أكبر حشد ولكن هذه المرة لتحية السادات بعد حرب 1973 وعندما كان قادما لإلقاء خطاب النصر أمام مجلس الشعب.
11 - إلا أن نفس هذا الميدان الذي شهد ثورة على السادات في 1972 ثم الهتاف للسادات في 1977 عاد وثار مرة أخرى ضد السادات في يناير 1977 عندما تم رفع عدد كبير من السلع الأساسية جعلت الكل يثور في حالة هياج وكان ميدان التحرير هو الشرارة الأولي.
12 - عندما جاء حسني مبارك للسلطة في عام 1981 لم يشهد الميدان أحداث جسيمة ولكن في عام 1990 تمت إزالة القاعدة الرخامية الشهيرة في الميدان والتي تظهر في العديد من الأفلام المصرية القديمة وتتوسط الميدان وتحيط بها حديقة من كل جانب وقد تمت إزالتها لإنشاء مترو أنفاق القاهرة وبذلك أختفي أحد المعالم الرئيسية للميدان.
13 - عندما أندلعت الحرب ضد العراق وتم غزو بغداد في ابريل 2003 أشتعلت المظاهرات وكان ميدان التحرير هو أكبر تجمع لأكبر مظاهرة ومنذ ذاك الوقت وأنفتحت الشهية للمظاهرات التي نظمتها حركات مثل كفاية و 6 ابريل في كل المناسبات إلى أن جاء الإنفجار الأكبر في 25 يناير 2011.