أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

101 - مسجد السليمانيه بتركيا


مسجد السليمانيه يقع المسجد في قلب مجموعة تتكون من مقبرة وأربع مدارس ومستشفى وفندق ومئذنة ودكاكين وحمّامات ومدرسة قرآنية وضريح سنان ويمد المجموعة بكاملها نظام تموين بالمياه وبني المسجد من الحجر المنحوت المركّب بدون ملاط وهي ميزة النظام الأناضولي سواء كان ذلك في الأبنية المسيحية أو الإسلامية ويتكون باب الواجهة الرخامي من دعامتين ضخمتين وهو يؤطّر المدخل الذي يندرج في مشكاة مثلّثة ذات مقرنصات وكان هذا التخطيط معتمدا في الأناضول أثناء القرن الثالث عشر ويعلو المدخل نقش يحمل تاريخ التأسيس وجبهة بنظام العصور القديمة وتؤطّر المدخل أعمدة ذات تيجان بصلية عُرفت منذ العصر العباسي يندرج التتويج بالرسم النباتي في تقاليد الشرافات التي كانت تستعمل في العمارة الآشورية وهناك مدخلان جانبيان يفضيان إلى الصحن وفكرة المداخل المتعددة كانت معروفة منذ العصر العباسي وتتجسّد في الأناضول السلجوقية أمّا الصحن الذي يحتوي على فسقية مستطيلة منحوتة في الرخام فيحيط به رواق مسقوف ترتكز أقواسه المزررة بالتناوب على أعمدة ذات تيجان بها مقرنصات والأساكيب مغطّاة بقباب ترتكز على أفاريز مثلّثة موروثة عن العمارة السلجوقية وعلى مثلثات القبة ويأخذ المحور الرئيسي للصحن قيمته من الأقواس المرتفعة والواسعة المرتكزة على أعمدة بيزنطية من الرخام السماقي أعيد استعمالها وهي من العادات المألوفة منذ العصر الأموي وندخل إلى قاعة الصلاة مباشرة من الصحن والمداخل الجانبية القائمة تحت صف من الأعمدة وخصص المدخل الجنوبي الشرقي للسلطان كانت كاتدرائية القديسة صوفيا النموذج الذي طمح سنان إلى تجاوزه إذ استلهم منه مخطّط القبّة المركزية المزوّدة بقبّتين نصفيتين وقباب في الزوايا وكانت القبّة واسعة الاستعمال في أوائل النماذج المعمارية العثمانية فمسجد بورصة (1396- 1400) مغطّى كليّا بها أمّا الممرات الجانبية فتبرزها أروقة ثلاثية كما هو الحال في جامع آيا صوفيا أمّا الفضاء الداخلي الذي يرتفع على ثلاثة مستويات من النوافذ فهو منظم جدا لاسيما بفضل الأقواس المزررة المتناوبة والممر الذي يحيط بأعلى السور وزينت الأعمدة المصلبة شمالا وجنوبا بكوّات ذات مقرنصات وبما أنّها أزيحت على الجوانب فهي تترك مجالا واسعا في الوسط. والحيطان هنا عبارة عن ستارات ضوئية تلتقط النور بفضل النوافذ العديدة التي تنفتح في القبب والجدر الجانبية وحائط القبلة وهي تلطف شكل المبنى الخارجي وتبدو كُتل الطوابق الثلاثة المتراكمة وكأنها ترتفع برشاقة بالرغم من هيكلها الكثيف عضادات الدعم الخارجية لسور القبلة أسوار التثبيت للفضاء المركزي ويزيد من حدة هذا الشكل الهرمي وجود أربع مآذن مختلفة الأحجام كما تبرز على المسجد في الحين ذاته ملامح الرابية وزين حائط القبلة بالزجاج الملوّن ويأوي المحراب الرخامي المرتفع ذا المشكاة المثلّثة والمزينة بالمقرنصات ميزة الفترة العثمانية وضع منبر من الرخام إلى يمين المحراب مباشرة وراء الدكّة المصنوعة هي الأخرى من الرخام أما مشكاة الصلاة التي ترتفع إلى المستوى الثاني من النوافذ فهي ثريّة الزخارف ووُضعت إلى جانبي المشكاة لُفافتان من الخزف أنجزهما محمّد شلبي أو أحمد الكره حصاري في نقش كتابي تظهر فيه ذيول الحروف ممدودة شعاعية محاكية للكتابة المملوكية وأُدرجتا داخل كسوة جدارية متعددة الألوان ويعتبر الرسم الزهري الرقيق وسحب تشي من خصوصيات المنظومة العثمانية وقد كثر استعمالها على القطع المجسمة ويظهر هنا للمرّة الأولى وعبر لمسات خفيفة أحمر إزنيق الشهير