أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

159 - قصر شونبرون بالنمسا

قصر شونيرون في النمسا تحفة معمارية تحمل في طياتها تاريخ عريق فيينا وفي قصر شونيرون الامبراطوري في النمسا يمتزج الفن بالتاريخ لتشكل تحفة فنية صاغتها انامل فون ايرلاخ اشهر معماري عصره لتبقى ماثلة عبر الايام تجسد الفن بجماله الاخاذ والعراقة بهيبتها الشامخة وقصر شونيرون الذي يعني نبع الجميع يعتبر احد معالم فيينا الخالدة و واحدا من اهم معالمها على الاطلاق ويرى النمساويون ويشاطرهم بذلك العديد من زوار هذا الصرح التاريخي والمعماري أن القصر يعد من اجمل واهم قصور الاباطرة النمساويين التي عرفت بجماله لها ورونقها المعماري الفريد والى جانب ان قصر شونبرون يعتبر مزارا للنمساويين والسياح نتيجة لاحتوائه على جوانب من الفن المعماري الراقي فان قاعاته ودهاليزه واروقته تختزل تاريخا عريقا لمراحل من عصر النهضة الاوروبية فقد بدأ بناء القصر فى 1696 فى عهد الامبراطور يوزف الاول وخطط له واشرف على بنائه اشهر مهندسى ذلك العصر فون أيرلاخ وكان المخطط الاول للبناء على شاكلة قصر فرساى الفرنسى الا ان قلة الموارد المالية جعلت ذلك القصر يصبح اكثر تواضعا بحيث لم تأت سنة 1713 حتى انتهت عملية البناء الا ان ذلك لم يفقده جماله او رونقه وتمكن الاهمية التاريخية لهذا القصر الذى كان القصر الصيفى لاسرة هابسبورغ الحاكمة فى النمسا باعتباره الى جانب قصر هوفبورغ الشتوى مركز اتخاذ القرارات الرئيسية ليس على نطاق النمسا فقط بل على النطاق الاوروبى ايضا نظرا لان فيينا كانت انذاك ترسم الى حد كبير الدبلوماسية الاوروبية كما ان شهرة قصر شونبرون تجازوت حدود النمسا حينما صار لفترة وجيزة من الزمن مقرا للامبراطور الفرنسى نابليون بونابرت الذى احتل فيينا بين 1805 و1809 وشاءت الاقدار ان ابن نابيلون بونبارت من زوجته الاميرة النمساوية مارى لويز وهو نابليون الثانى الملقب بالنسر الصغير توفى فى سنة 1832 فى قصر شونبرون على نفس السرير الذى نام عليه والده قبل حوالى ربع قرن من ذلك التاريخ بحيث ان كل من يزور القصر لابد ان يزور غرف الاباطرة ويرى السرير المذكور ولعل ان اهم الاجنحة الجديرة بالزيارة فى قصر شونبرون هى قاعة الاستقبال المسماة بقاعة المليون لان الخبراء قدروا قيمة اخشاب شجر الورد الثمينة التى تغطى جدران القاعة والزخارف الفارسية والهندية الموجودة بها بحوالى مليون دوكاتان وهى عملة ذلك العصر وتحتوي اروقة القصر على ساحات رقص فيها حكام اوروبا المتحالفين ضد نابليون عند افتتاح مؤتمر فيينا الشهير فى 1814 الذي كان بمثابة تحدي للهيمنة الفرنسية على اوروبا انذاك ومن الغرف الطريفة الجديرة بالزيارة ايضا غرفة الرسم الخاصة بالامبراطورة ماريا تيريزيا واطفالها الستة عشر وكذلك غرفة المرايا التى احيا فيها الموسيقار العبقرى موزارت حفلا موسيقيا وهو لم يتجاوز السادسة من عمره كما ان الموسيقار الخالد بيتهوفن الف جزءا كبيرا من مقطوعته الموسيقية فيديليون فى قصر شونبرون ويضم القصر 144 غرفة منها 45 غرفة فقط مفتوحة للزيارة وفى قاعة الاستقبال المسماة بالصالون الصينى الازرق وقع الامبراطور كارل اخر باطرة النمسا وثيقة تخليه عن العرش وبذلك انتقلت ملكية قصر شونبرون مع بقية ممتلكات اسرة هابسبورغ الى الجمهورية وتقام حاليا فى قصر شونبرون اهم الاستقبالات الرسمية فى المناسبات الخاصة ومن ملحقات القصر قاعة عرض عربات الخيل التى كانت تستعملها اسرة الهابسبورغ من سنة 1690 الى سنة 1917 وقاعات الزجاج المكيفة التى تضم نباتات من القارات الخمس ومما يضفى على ذلك القصر مزيدا من البهاء والجمال حدائقة الغناء التى تمتد على مساحة 196 هكتار والجدير بالذكر أن ملحق بالقصر حديقه حيوانات.