أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

208 - بيت السناري بالقاهره

بيت السنارى بنى إبراهيم كتخدا السنارى هذا البيت فى العصر العثمانى وهو يقع فى حارة مونج المتفرعة من ميدان جامع السيدة زينب ويتكون المنزل من طابقين فى الطابق الأرضى عند الدخول من البوابة الرئيسية نجد فراغ المدخل المجاز الذى يحقق الخصوصية فى المنزل ثم نتجه للفناء الرئيسى للمنزل عن طريق ممر طويل له فتحات شبابيك موجه ناحية الشمال فتعمل على سحب الهواء من الفناء فتقلل من درجة حرارة الهواء داخل المنزل ويوجد تحليل شامل للفناء فى كتاب للدكتور يحيى وزيرى يحتوى على مقارنة بينه وبين بيثين آخرين ويوجد فى الدور الأرضى فراغ التختبوش وهو فراغ له ثلاث حوائط فقط ومفتوح على الفناء الداخلى وهو مخصص للرجال فى الصيف فى الدور الأرضى وفى بعض المنازل الأخرى يكون التختبوش هو القاعة التى تصل بين فنائين فتكون درجة الحرارة بها أقل بكثير من أى فراغ آخر داخل المنزل ومن الفناء الداخلى يوجد سلم يوصلنا للدور الأول حيث نجد المقعد وهو قاعة للرجال صيفية تطل على الفناء ولها عقدين محمولين على أعمدة والقاعة الرئيسية وهى القاعة الرئيسية للمنزل وتكون مخصصة للرجال حفاظا على خصوصية أهل المنزل وفيها نجد المشربية الكبيرة المطلة على المدخل الرئيسى للمنزل كذلك تتصل هذه القاعة بقاعة صغيرة أخرى فيها الملقف وكذلك قبة صغيرة فهما معا يساعدان على سرعة حركة الهواء داخل القاعة وبالتالى تقلل من درجة الحرارة داخلها وقاعة النساء وهى القاعة المخصصة للنساء ويوجد بها أكثر من فراغ صغير له شبابيك ذات مشربيات تطل على الفناء الداخلى والخارجى فتحقق الخصوصية المطلوبة للنساء حيث تساعد المشربية على الرؤية من الداخل وتمنع من بالخارج رؤية ساكنى القاعة كذلك تلطف الهواء وتقلل من درجة حرارته نظرا للمادة المستخدمة وهى الخشب كذلك أشكالها التى تساعد على حركة الهواء بها ويقع بيت السنارى فى حى الناصرية بالسيدة زينب وتحديدا فى حارة صغيرة تسمى مونج والبيت منسوب لاسم صاحبه إبراهيم كتخدا السنارى الذى جاء من الوجه القبلى إلى الوجه البحرى ليعمل به وبدأ من عدة أعمال بسيطة إلا أنه سرعان ما لمع نجمه وعمل فى خدمة مصطفى بك الكبير ومراد بك وأصبح السنارى ذا مال وسلطان وشرع فى بناء بيته الذى استمر فى إنشائه على مدار ١٠ سنوات وانتهى منه قبل مجىء الحملة الفرنسية بـ٥ سنوات ويتميز المنزل كغيره من البيوت الإسلامية القديمة بالمداخل المنكسرة التى كان هدفها سترة البيت ومنع أى غريب من رؤية الأجزاء الداخلية واحتوائه على مقاعد مخصصة للنساء وأخرى لاستقبال الغرباء ومقعد صيفى بتصميم معمارى يسمح بتجدد واستمرار حركة الهواء داخل المنزل ورغم روعة البناء والزخارف ودقة التصميم إلا أن المنزل اتخذ بعدا آخر واكتسب أهمية تاريخية فيما بعد حيث أصبح مقرا للجنة العلوم والفنون التى جاءت مع الحملة الفرنسية لدراسة مصر ومنه أنجز ٢٠٠ عالم فرنسى موسوعة وصف مصر وعام ١٩١٦ قدم الرسام مسيو جلياردو طلبا لأعضاء لجنه حفظ الآثار باستئجار المنزل ليكون متحفا يعرض فيه مجموعته الخاصة التى تتحدث عن الحملة الفرنسية وتمت الموافقة على الطلب وأقام بالفعل متحفه الذى حمل اسم بونابرت وأغلق بعد وفاته وساءت حالة البيت بفعل عوامل الزمن وعدم ترميمه أو الاعتناء به وزادت حالته سوءا بعد زلزال ١٩٩٢ حتى قام المجلس الأعلى للآثار بالتعاون مع البعثه الفرنسيه بترميمه عام ١٩٩٦ ومؤخرا انتقلت تبعية المنزل إلى مكتبة الإسكندرية التى عملت على تجهيزه ليكون بيتا للعلوم والثقافة والفنون كما كان من قبل ويعقد به العديد من الأنشطة الثقافية والفنية .