أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

229 - قلعه الضايه برأس الخيمه

تميزت إمارة رأس الخيمة في العصر الوسيط دون غيرها من الإمارات نتيجة لموقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية والمائية بالدخول في صراعات وحروب عديدة قياساً إلى التاريخ القديم للإمارات ولذلك يلاحظ الزائر لرأس الخيمة الكم الهائل من المنشآت العسكرية في مختلف أنحائها ولها ذكرها التاريخي وقد قام العديد من الباحثين الإماراتيين والأجانب بالوقوف على تاريخ هذه الحصون وفن البناء الخاص بكل موقع وإن كانت الدراسات كثيرة إلا أنها لم تبرز بصورة كبيرة الجوانب التاريخية أو المعمارية لهذه المنشآت وقد تناول الباحث ناصر حسين العبودي في كتابه صفحات من آثار وتراث دولة الإمارات العربية المتحدة قلعة ضاية ببعض التفصيل وخاصة من الناحية المعمارية وقد قمنا بالاستعانة بالباحث في الحصول على بعض المعلومات وتتمتع قلعة ضاية بإطلالة مميزة على سهول خصبة جدا في منطقة تحيط بها بساتين النخيل من كل النواحي وتشير المراجع التاريخية إلى أن منطقة ضاية استقر فيها البشر منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد على أقل تقدير وتشكل القلعة مع الهضبة الجبلية المخروطية الشكل ومنظر بساتين النخيل منظراً رائعاً جداً خاصة في فترة الشتاء عندما تعانق السحب قمم الجبال الشاهقة وأشار صالح محمد العابد في كتابه دور القواسم في الخليج العربي 1747-1820م إلى أن الحصن اعتبر المفتاح الشمالي لرأس الخيمة لأنه يتحكم بقوة بالممرات والتلال والطريق الساحلي إليها وبعض المراجع التاريخية كما في الفتح المبين لسيرة السادة البوسعيدين لحميد بن رزيق والمفصل في تاريخ الإمارات لفالح حنظل تذكر عن القلعة أنها لم تبن في زمن القواسم بل كانت برتغالية اتخذها القواسم كموقع عسكري وأنهم حسنوا فيها ويمكن أن تكون من آخر معاقل البرتغاليين في ساحل عمان والذي أخرجهم منها ناصر بن مرشد اليعربي وثمة رأي يقول وهو ما ذهب إليه ناصر العبودي بالقول بأن القلعة ليست برتغالية البناء بل بنيت في فترة سبقت الاستعمار البرتغالي للمنطقة ولكن بعدما جاء البرتغاليون حسنوها ورمموها كما فعل القواسم والقول نفسه ينطبق على قلعة مسقط بعمان فهي ليست برتغالية بل كانت موجود من قبل وقد ذكر عالم الآثار الإيطالي الدكتور دي إريكو وكان يرمم قلعة مطرح عام 1981م أن قلاع مسقط الجلالي والميراني وقلعة مطرح تتشابه مع القلاع الموجودة على ساحل فارس وأن البناء تم على أيدي سكان هذه المناطق من البلوش وغيرهم في فترات موغلة في القدم قبل البرتغاليين وتؤكد الدكتورة سعاد ماهر عالمة آثار أن تاريخ قلعة صحار الكبرى يرجع إلى ما قبل الإسلام وأن كثيراً من الأوروبيين ينسبونها إلى فترة البرتغاليين ولعل مرجع هذا الخطأ هو أن البرتغاليين قد نقلوا تصميمها المعماري واستعملوه في استحكاماتهم الحربية التي أقاموها في فترة الخليج العربي وأمام هذه الآراء أعتبر الباحث العبودي أن قلعة ضاية قد بنيت بمعرفة سكان المنطقة أنفسهم من العرب في أزمان موغلة في القدم ولا نستطيع الجزم بأنه بني في القرن السادس عشر وأن تاريخ الإمارات المعماري من خلال التنقيبات الأثرية أكد لنا وجود كثير من القلع في مختلف مناطق الدولة وإذا ما رجعنا إلى جانب المعمار والدراسات الأثرية العلمية نلاحظ وجود تقريرين لعالم وعالمة آثار بريطانيين زارا الموقع وكتبا عنه ومما ذكرته عالمة الآثار دي كاردي اعتماداً على زيارتها للحصن عام 1968م ما يلي يقع الحصن في منطقة الرمس على مرتفع صخري مخروطي الشكل تقريباً وبارتفاع 300 قدم يحيط به بقايا بناء من اللبن مكون من جدار وجزءين بارزين قلعة مخمس الشكل غالباً وأحد هذين البناءين يوضح المدخل وأساسات هذين الجزءين مبنى من الحجر أما البناء فهو من اللبن وهذا البناء لا يعود إلى أكثر من 100-200 سنة ولكنهما لا يبدوان واضحين لعدم وجود ترميم لهما أما أخشاب البناء من أسقف وغيرها فقد أخذت منه سابقاً وملامح هذا الموقع توضح ستة أسس لجدران تقريباً ولأبراج صغيرة من بناء دفاعي ذي استحكامات دائرية حول السفح السفلي وفي الجانب الغربي وفوق مجموعة من صخور الجدران وبشكل مستطيل يظهر شكل مهم ربما يشير إلى شكل بيت وعلى بعد 150 ياردة جنوب غرب الصخور هناك حصن كبير مربع مبني من اللبن مزود بقلاع بالأركان وواحد من هذه القلاع مدور متصل بالركن من الجانب الجنوبي الشرقي والقلاع الأخرى مربعة إن السور العالي الذي يبدو كالسياج متهدم ومتآكل وهو يربط الأبراج محافظاً على الساحة الوسطية وربما كان هذا الموقع حطم سنة 1819م من قبل البريطانيين في حرب ضد القوى الساحلية إن الملتقطات الأثرية من الموقع عبارة عن قطع فخارية صيني بورسلين من اللون الأزرق فوق الأبيض من الفترة المتأخرة من أسرة مينج الصينية صنع في القرن 17 الميلادي أو في أواخر العصور الوسطى ومن الفخار غير المزجج إضافة إلى فخار ملون مصنوع يدوياً يعود إلى فترة جلفار وما بعدها أما عالم الآثار ديرك كينت وهو عالم آثار في المعهد الآثاري بجامعة لندن ومنقب أيضاُ بمتحف رأس الخيمة الوطني سابقاً فيذكر في تقريره عن حصن ضاية إلى مذكرة مكتب الهند البريطاني عن قلعة ضاية أنها قلعة قوية تقع على جبال مجاورة تسمى زير وفي عام 1823م زار كل من الكولونيل كينيت والكابتن فايثفل ساحل الإمارات وذكر أن القلاع في كل من الرمس وضاية ورأس الخيمة مازالت مدمرة وفي السنة نفسها التقى الكابتن ماكلود الشيخ سلطان بن صقر حاكم الشارقة وفي التقرير المعماري يذكر المعماري أن طول القلعة 27 متر وعرضها 19 متر وتقع فوق المرتفع المدبب لأحد الجبال في قرية ضاية وفي المنطقة الزراعية وما زالت واضحة على بعد أميال على طول الساحل والقرية خلف مجموعة الأبراج الدفاعية حيث يمكن مشاهدة هذه القلاع الأبراج من القلعة ويلاحظ حصن مبنى من اللبن يقع في سفح الجبل خلف القلعة وتقع إلى الجنوب الغربي وفي السفوح السفلى للمرتفع هناك مجموعة من الاستحكامات العسكرية وهي جزء من الدفاع الخارجي للحصن وقلب الحصن أساسة عبارة عن جدار بارتفاع 4 أمتار مبنى من الحجر غير دائري في قمة المرتفع والمسافة الوسطية التي تقع في السور مملوءة بالرمال والحجر والحجارة الصغيرة ليكون ما يشبه القاعة أو المنطقة الوسطى التي تشكل بدورها منطقة عادية بيضاوية الشكل بطول 25 م والسور المتبقي مبنى في الأعلى باللبن حتى مستوى الشرفة ويحيط بالساحة الوسطية وتتقابل الأبراج بعضها مع البعض الآخر وهما برجان مبنيان من اللبن وتشكل الجدران الخارجية لهذه الأبراج جزءاً من السور الخارجي للساحة الوسطية والبرج الجنوبي ذو الشكل العادي يتضح منه أن فيه المدخل الرئيسي للدخول للساحة الوسطية والخارج والبرجان كلاهما يتكونان من طابقين الطابق العلوي بدون سقف بذلك يسمح بمشاهدة حركة السفن والمراقبة لخط الساحل ويسمح اليوم بمشاهدة مناظر جميلة للساحل وفي وسط الساحة نرى نتوءات وقمم صخور المرتفع الأصلي نتوء الجبل واضحة بجانب الرمال المجلوبة للساحة وفي بعض مناطق ساحة الحصن يلاحظ بقايا آثار صخور الجدران على السطح وهذه البقايا توضح إضافات بنائية صغيرة ملحقة بالحصن المختفي منذ زمن بعيد وهذا الحصن بشكل عام مبنى من اللبن الطين غير المحروق والحجارة والملاط الطيني وقد رمم هذا الحصن التاريخي عام 1993م من قبل دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة وفي أثناء الترميم عثر على بعض من قذائف المدفعية البريطانية مدفونة في الجدران وهي الآن محفوظة في متحف رأس الخيمة الوطني وقد حطم الحصن كلياً بعد الحرب مع البريطانيين ولكن كانت هناك آثار له حتى عام 1823م  وأعيد بناؤه مرة ثانية بدون معرفة أصلة الأول ولا تختلف قلعة ضاية عموماً في موقعها وطريقة بنائها عن قصر الزباء المسافة بين ضاية والزباء حوالي 8 كلم حيث ضاية تقع شمال شمل ن وتقع كل من القلعتين فوق جبل إلا أن قلعة ضاية أصغر من الزباء وتعد القلعتان استراتيجيتان ويبدو أن اتخاذ القلاع لها على قمم أو أعالي الجبال ليس وليد الفترات الزمنية المتأخرة بل إن هذا النظام العسكري ربما يعود إلى آلاف السنين وذلك اعتماداً على المكتشف من الآثار في مختلف مناطق الدولة وقد تم ملاحظة بعض من هذه التحصينات العسكرية وتتكون على ما يبدو من القلاع والاستحكامات العسكرية ومناطق السكن للعسكر ويكون بناء هذه التحصينات في جهة تكون سهلة الصعود ولكن بتكلفة وأقل حدة من الجهات الأخرى للمرتفع التي يستغل وضعها الطبيعي كحام أو مانع للمهاجمين والأعداء وبذلك تكون هذه الجهات مؤمنة لسكان هذا الجبل أو المرتفع وقد تكون قلعة ضاية أقل مستوى في جودة التحصينات إذ يبدو بارزاً للعيان وبذلك يكون سهل المنال من الناحية العسكرية وهناك حصن آخر في ضاية ولكنه أسفل الجبل وربما كان يعود إلى فترة قلعة ضاية ويعد هذا الحصن مقراً للسكن بينما القلعة أعلى الجبل فهي حصن عسكري محصن وقد تم بناء الحصن من الطوب واللبن وتشير المراجع إلى أنه كان يستخدم كمنتجع سور حيث يتجمع المقيمون في بساتين النخيل والعاملون بها وكذلك حيواناتهم للدفاع عن أنفسهم وقت الخطر وللأسف لم يخضع هذا الحصن للترميم مما أثر في جدرانه ولم يتبقى منه سوى بعض القواعد والجدران الآيلة للسقوط في أي وقت يتحتاج فيه لترميم سريع ليبقى شاهداً على تاريخ طويل من الصراع ضد الاستعمار البريطاني بجانب البطولات التي شهدتها جارتها قلعة ضاية و فوق ذلك تم بناء برج واحد للمراقبة في بساتين النخيل لتأمين وحراسة المنطقة والاستخدام المشترك لمواقع التحصين الثلاث الحصن أعلى الهضبة والسور و برج المراقبة كانوا بمثابة وسيلة دفاعية مثلى لواحة ضاية الخصبة و تعتبر طريقة متطورة لحماية سكان الواحة المتفرقين وفي عام 1999م قامت دائرة السياحة في رأس الخيمة بإعادة ترميم القلعة وبناء درج شيد بنظام هندسي ومعماري رائع يسهل معه الصعود إلى القلعة دون عناء وقد انتهت أعمال الترميم الأخيرة في شهر ابريل من عام 2001م وتؤكد دائرة السياحة إلى أن القلعة لم تكن مبنية لمواجهة الحصارات طويلة الأمد حيث أنها تفتقر إلى خزان للمياه ولكنها كانت مركزاً للدفاع ضد الهجمات السريعة لغارات العدو وقد أحيطت قمة التل بسور صخري مليء من الداخل بالحصى ليشكل سطحاً مستوياً وفي الوسط توجد العديد من الصخور التي تشير إلى وجود مباني شبه دائمة أكواخ العريش مكملة للأبراج.