أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

302- متحف باول كلي بسويسرا


شهدت العاصمة السويسرية افتتاح أول مركز يضم جميع أعمال الفنان التشكيلي الألماني السويسري باول كلي تحت اسم مركز باول كلي حيث تم تجميع أكثر من 4000 من أعماله في مبنى يوصف بأنه واحد من أجمل المباني التي تم تشييدها في سويسرا مؤخرا وتقول إدارة المركز إن هذا المقر ليس فقط مكانا يشاهد فيه الزوار جميع أعمال التشكيلي الراحل (1879-1940) وإنما أيضا مركزا ثقافيا متكاملا إذ يضم مسرحا وقاعة للحفلات الموسيقية ومكتبة ومتحفا متخصصا للأطفال وقد اكتسب الفنان التشكيلي باول كلي شهرته من خلال مرحلتين هامتين في حياته الأولى التي تمكن فيها من تقديم أسلوب جديد في التعامل مع المناظر الطبيعية المحيطة به من خلال تشكيلات مختلفة للألوان على مواد متنوعة مثل الزجاج ومزيج من الورق والنسيج أثناء فترة شبابه في سويسرا وخلال نفس المرحلة تمكن باول كلي من صقل موهبته بالدراسة في ميونخ وإيطاليا وباريس قبل أن يعمل أستاذا للفنون في بألمانيا حيث كان من أشهر أساتذة الفن الحديث في أوروبا والذين جمعوا بين المدرستين التعبيرية والتشكيلية لا سيما مع نظريته الخاصة في علاقات الخطوط بالألوان والضوء والتي صاغها في كتاب نظرية الفن الحديث وبقي كلي في ألمانيا حتى عام 1933 ثم فر من النازية إلى سويسرا التي عاش فيها حتى وفاته أما النقلة الثانية في حياته الفنية فكانت بعد رحلته إلى تونس (1913–1914) والتي قال عنها في يومياته إنها فتحت أمامه أفقا جديدا للتعامل مع الأضواء والألوان ومن أشهر اللوحات التي رسمها في تلك الرحلة سان غيرمان تونس و على أبواب القيروان وحديقة تونسية ثم رحلة القاهرة عام 1928 التي عايش فيها مزيجا من الفنون الفرعونية والقبطية والإسلامية وتمكن باول كلي من صقل موهبته بالدراسة في ميونخ وإيطاليا وباريس قبل أن يعمل أستاذا للفنون في بألمانيا حيث كان من أشهر أساتذة الفن الحديث في أوروبا هوية باول كلي وتتنازع ألمانيا وسويسرا على هوية الراحل باول كلي فعلى الرغم من أنه ولد في سويسرا لأب ألماني وأم سويسرية فإنه لم يحصل على الجنسية السويسرية إلا بعد وفاته بينما يعتبر الألمان أن تعليمه الفني في ميونخ ونجاحه الأكاديمي سطع وانتشر في ألمانيا ولولا قدوم النازية إلى الحكم لبقي فيها حتى وفاته وقد أبدع المعماري الإيطالي الشهير رينزو بيانو في تصميم المركز على مساحة 3000 متر مربع إذ اعتمد في شكله الخارجي على الانسيابية التي تماثل الخلفية الجبلية في المنطقة كما استخدم الألواح المعدنية في الأسقف والجدران ليسمح للضوء الطبيعي بالدخول إلى ردهات المركز أما القاعات المخصصة للعرض فهي مغطاة ويتم استخدام الأضواء الاصطناعية فيها تبعا لحساسية اللوحات وقد استغرق بناء المركز ثلاث سنوات كاملة سبقته مفاوضات مضنية بين ورثة باول كلي وإدارة مقاطعة برن ومدينتها واستقر الأمر على أن تبقى اللوحات ملكا للورثة ولكن في حالة استعارة دائمة للمركز ولم تساهم الحكومة  بالقدر الكافي من الأموال في تدشينه حيث تبرع الجراح السويسري المشهور موريس مولر بحوالي أكثر من نصف تكاليف إقامة المركز والتي فاقت مائة مليون دولار ولقد أسّس مركز بول كلي بعد 65 عاما من وفاته في برن وهو مبنى فخم مسخّر كليّا للفنّان العظيم ومصمّم من طرف المهندس المعماري الإيطالي الشهير رينزو بيانو وبالإضافة لكونه متحفا فهو يعتبر أيضا مركز الكفاءات للبحث ولنشر آثار وحياة الفنّان بول كلي ويضم المركز لوحات مؤسّسة بول كلي الّتي كانت حتّى الآن محفوظة في متحف الفنّ لمدينة برن كما يحتوي على مجموعة عائلة كلي وبعض اللّوحات القادمة من مجموعات خاصّة وفي هذا المركز كانت تحفظ أكثر من 4000 لوحة من أعماله التّي بلغت في مجموعها 10.000 رسما تقريبا وهي أكبر مجموعة أحاديّة الموضوع ذات شهرة عالميّة وقبل تدشينه في شهر يونيو 2005 واجه مسيّرو المركز بعض المشاكل ذات الطابع السّياسي والمالي والثّقافي وبدأت المغامرة مع ليفيا وألكسندر كلي الوريثان لفليكس ابن بول كلي وقد تم ذلك في سنة 1990 مباشرة بعد وفاة فليكس حين نظّم الوارثان عرضا في برن وقدّما فيه اللّوحات الّتي انتقلت ملكيتها إليهما وفي المقابل طالب الوريثان بأن تقيم العاصمة الفدرالية برن خلال سنة 2006 متحفا يسخر بأكمله للفنّان الراحل وبعد سبع سنوات من المفاوضات الشاقة وافقت السلطات على مقترح عائلة كلي فاستلمت الهبة التي تقدم بها أحد الخواص وتبنّت إنجاز المشروع وفي أوّل الأمر وقع الاختيار على المدرسة الثّانويّة السّابقة التّي درس فيها كلي كمقرّ جديد للمتحف ثمّ تمّ التّفكير في مبنى آخر مع الحرص في كلتا الحالتين على أن يكون المقرّ مجاورا لمتحف الفنّ ببرن لإيجاد نوع من التّعاون والتّصوّر المشترك بين المتحفين ولكن في شهر يوليو 1998 تمّ التخلّي بشكل مفاجئ عن المقترحين الأوّلين لأنّ الطّبيب المتخصص في تقويم الأعضاء موريس أ مولّـّر وزوجته مارتا قررا أن يهبا للمشروع 40 مليون فرنك وقطعة أرض تفوق قيمتها 10 ملايين فرنك تقع في الضّاحية الشّرقيّة للمدينة وفي المقابل أرفقت الهبة بسلسلة من الشّروط. ففي البداية اشترط أن يكون المتحف مشيّدا على الأرض المهداة في حاشية برن وبالتّحديد قرب منزل الزّوجين مولّـر وبجانب المقبرة التّي دُفن فيها بول كلي وإضافة إلى ذلك عبـّر الزوجان مولّـر عن رغبتهما في اختيار المهندسين المكلّفين بإنجاز المشروع بكلّ حريّة ومن دون اللّجوء لتنظيم مسابقة دولية إلا أن هذه الوضعية غير المتوقعة وضعت المدينة والكانتون في حالة سياسية جديدة تماما وبعد خمسة أعوام من انطلاق أشغال تصميم المتحف نظرا لأنّ قطعة الأرض المهداة توجد في ضاحية بعيدة كلّ البعد عن المكان الّذي شيّد فيه متحف الفنّ وهو ما يعني أن هذا الأخير سيصبح منعزلا عن المؤسّستين الهامّتين وهو احتمال أثار جدلا شديدا في العاصمة الفدراليّة ولكن نظرا للوضعيّة الماليّة المتدهورة للمدينة آنذاك قبلت المؤسّسات العموميّة أخيرا هبة الزّوجين مولّـر وكلّ الشّروط المتعلّقة بها ولإنجاز هذا العمل تم إنشاء مؤسّسة موريس ومرتا مولّـر التّي تضمّ عائلتين كلي ومولّـر بالإضافة إلى ممثلين عن كانتون ومدينة برن وعن متحف الفنّ بالعاصمة وعن الطّبقة الثّريّة المحليّة وفي شهر ديسمبر 1998 فوّضت متابعة الأشغال المتعلّقة بمركز بول كلي للمهندس المعماريّ الإيطاليّ رينزو بيانو ومع أن هذا الرجل الذي صمّم مركز بومبيدو في باريس ومؤسّسة باييلير في بازل، يعتبر من دون شكّ من أفضل ما يوجد في العالم فإنّ عدم تنظيم مسابقة عموميّة لإسناد المشروع أثار حساسيّات أخرى وبعد مرور عام قدّم رينزو بيانو مشروعه لتشييد المركز متمثلا في ثلاث هضاب اصطناعيّة في شكل موجات البحر تجانب طريقا سيارة وتفتح باتّجاه المدينة ويمكن القول أن جوهر هذا النّحت المقتبس من براعة الطّبيعة يمثل الرّبط بين الفنّ والبحث والنّشر وفي أواخر عام 2000 ساندت المجالس المحلية لمدينة وكانتون برن المشروع واقتصرت الأصوات المعارضة على 7 وفي السّنة الموالية صوّت مواطنو مدينة برن لفائدة إنجاز مشروع المركز بأغلبيّة 78% من الأصوات وثمانية عشر شهرا قبل التّدشين الرسمي خرج المواطنون للاحتفال بإتمام أقواس الموجات الثّلاثة وفي نوفمبر 2004 استقبلت الهضبة الأولى إدارة المركز وبعد أيّام استقرّت بها أيضا مؤسّسة بول كلي بعد أن غادرت الفضاءات التّي كانت تملكها داخل متحف الفنّ وفي نهاية المطاف اختتمت العمليّة الخاصّة بتأسيس المركز بحفل تدشين أقيم يوم 20 يونيو 2005 وفي تلك المناسبة فتح المركز أبوابه للجمهور.