أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

310 - جامع تنمال بالمغرب


بناه الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي عام 548هـ في مدينة  تنمال بجبال الأطلس ,تتألف القبله من 5 مجازات في كل منها 9 فتحات تشكل الفتحات الوسطى مجازاً قاطعاً و هي اعرض من الفتحات المجاورة يستند السقف إلى أقواس حدوة الفرس المدبب عمودية على جدارالقبلة وصف من الاقواس المفصصة مواز لجدار القبلة تستند القواس إلى دعامات آجرية فوق المحراب قبة وعلى جانبيها في كل ركن قبة كما رأينا في العمارة الفاطمية في كل من الجامع الأزهر وجامع الحاكم بـالقاهرة والمحراب مضلع قوسه حدوة الفرس المدبب و زينت واجهته بأقواس مفصصة و زخارف جصية على يمين المحراب غرفة المنبر وعلى يساره غرفة الإمام و لها باب إلى خارج المسجد ترتفع المئذنة فوق المحراب والغرفتين التي على جانبيه وهي على شكل برج مربع كالمآذن المغربية وعلى جانبي الصحن رواقان  وللمسجد باب شمالي و3 أبوا ب في كل من الشرق و الغرب وبني مسجد تنمل بالقرب من قبر المهدي بن تومرت 1130م مؤسس مذهب ديني جديد يدعو إلى وحدة الإله وإصلاح أخلاقي صارم وهو من تأسيس القائد عبد المؤمن 1130-1163 أول خليفة للدولة الموحدية المدخل يقع في الشمال في المحور الرئيسي للبناية وستة أبواب جانبية اثنين منها يؤديان إلى الفناء والأربعة الأخرى إلى قاعة الصلاة توجد هذه الأخيرة خلف الفناء كما هو الحال عادة في المساجد المغاربية خلال فترة المرابطين وتعتمد تنظيما على شكل حرف التاء T اللاتيني تأتي تسعة بلاطات موازية لجدار القبلة لتستند على ممر عريض وهو تنظيم  خاص بمساجد إفريقيا الشمالية منذ فترة الأغالبة يشكل المسجد الأقصى الأموي دون شك أحد الأمثلة الأولى لهذا النموذج الذي أعيد استعماله بمسجد سامراء العراق في الفترة العباسية البلاطات الجانبية جد متسعة وتمتد لتكون رواقين جانبيين في الفناء جسدت البلاطات والممر بواسطة أعمدة من الآجر مواد شرقية محاطة بأنصاف أعمدة بارزة استعملت هذه الأعمدة منذ الفترة العباسية وسيعاد استعمالها في القاهرة خلال الفترات الطولونية والفاطمية وتقدم البناية تجديدات شكلية تشير إلى تأثير مهم للشرق الإسلامي وعلى الخصوص العمارة الفاطمية التي ازدهرت خلال القرنين 10 و 11م ببلاد المغارب وبعد ذلك بمصر كما هو الحال بالنسبة للأبواب الضخمة الشديدة البروز والممر الموازي لجدار القبلة بقببه الثلاث واحدة أمام المحراب والأخريين في الأطراف إن التأثير الأندلسي قائم كذلك وهو نتيجة جمع المنطقتين تحت سلطة سياسية خلال الفترة المرابطية والموحدية أما تأثير المسجد الكبير لقرطبة عهد الحكم،961-966م فهو بارز بوضوح  باستعمال العقود المتعددة الفصوص وبمعالجة المحراب على شكل حجرة صغيرة نستطيع ملاحظة نفس هذا الإرث الأندلسي في منطقة المحراب بالمسجد الكبير بتلمسان بالجزائر 1136م فزخرفة  الجص المنقوشة أو المصبوبة تصبح متقنة أكثر فأكثر كلما اقتربنا من المحراب باطن العقود، وزخرفة التيجان كما هو الشأن في قرطبة وتلمسان وفي مراكش مسجد الكتبية 1158 فأغلب العناصر هندسية التشابيك والزهور والنجوم سمحت دراسة هذه العناصر من طرف س. إيفيرت من إقامة مقاربات مع زخرفة مئذنة الجيرالدا الموحدية بأشبيلية 1184-1198م يمثل مقرنص القبة أمام المحراب أحد الأمثلة الأولى للزخرفة النباتية الموحدية  مع زخرفة مسجد تلمسان وباستثناء شريط صغير بزخرفة شبه كوفية بقاعدة القبة لانجد أي نقيشة تغني الزخرفة ترتكز القبب الثلاث المزخرفة بالمقرنص الجصي الموجودة بجدار القبلة على أربعة حنيات ركنية مزخرفة هي الأخرى بالمقرنص تدعم الثماني مقرنصات  الجزء العلوي قبة نجمية ذات ثمانية رؤوس استوحي هذا التنظيم من نموذج عراقي للقرن 11م وهو واضح بضريح الإمام دور بسامراء 1085 وتحتل المئذنة ذات المقطع المربع الزوايا موضعا غير مألوف فهي تقع خلف المحراب ويعتبر هذا الأخير جزءا لا يتجزأ منها فمظهره الخارجي ضخم وتمنح زخرفته البسيطة المكونة من أقواس كاذبة وغياب الزخرفة الجصية مظهرا صارما  يذكر بالعمارة العسكرية كما شكل هذا المسجد نموذجا للمسجد الموحدي بميرتولا البرتغال الذي حول اليوم إلى كنيسة ولقد بني المسجد بتصميم ذي شكل مستطيل على مساحة طولها 48,10مترا وعرضها 43,60 مترا وهو محاط بسور مرتفع تعلوه شرفات تتكون قاعة الصلاة من تسع أروقة موجهة نحو القبلة كما يشكل التقاء البلاط المحوري والرواق الموازي لجدار القبلة شكلا هندسيا على نحو الحرف اللاتيني T أما القباب الثلاث فتتوزع بشكل منتظم على طول رواق القبلة إلا أنه لم يتبق منها إلا واحدة في الزاوية الجنوبية الغربية ترتكز أروقة المسجد على دعامات مبنية من الآجر بواسطة أقواس متنوعة الأشكال تساهم في إعطاء جمالية خاصة لقاعة الصلاة وتعلو المنبر والمحراب صومعة مستطيلة الشكل، وهو ما يعتبر استثناء في هندسة الجوامع بالمغرب أما الصحن فيمتد شمال غرب قاعة الصلاة وهو محاط بأروقة من حيث الزخرفية يشكل محراب تينمل إحدى روائع الفن الإسلامي بالمغرب وصفوة القول أن مسجد تينمل يتميز بأحجام متوازنة وتناسق تركيبي تدريجي لمرافقه المركزة جميعها على عنصر المحراب ليس فقط على مستوى الزخرفة بل وحتى على مستوى الترابطات الهندسية وترابطات الأحجام.