أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

329 - كنيسه المهد ببيت لحم بفلسطين

كنيسة المهد هي الكنيسة التي ولد فيها سيدنا عيسي في موقعها وهي تقع في بيت لحم جنوب الضفة الغربية بناها الإمبراطور قسطنطين عام 335 وتعتبر كنيسة المهد من أقدم كنائس فلسطين والعالم والأهم من هذا حقيقة أنَّ الطقوس الدينية تقام بانتظام حتّى الآن منذ مطلع القرن السادس الميلادي حين شيّد الإمبراطور الروماني يوستنيان الكنيسة بشكلها الحالي وكانت كنيسة المهد هي الأولى بين الكنائس الثلاث التي بناها الإمبراطور قسطنطين في مطلع القرن الرابع الميلادي حين أصبحت المسيحية ديانة الدولة الرسمية وكان ذلك استجابة لطلب الأسقف ماكاريوس في المجمع المسكوني الأول في نيقيه عام 325 للميلاد وفي سنة 326 م زارت الملكة هيلانة الأراضي المقدسة بغرض مشاهدة الأماكن المهمة في حياة السيد المسيح ومن ضمن ماشاهدت مغارة على مشارف بيت لحم حيث ولِدَ فيها السيد المسيح له المجد حسب مااعتقدت الجماعات المسيحية القاطنة هناك بأن السيد المسيح وُلِدَ في مذودٍ في مغارةٍ حقيرةٍ إذ لم يكن له موضع في المنزل  أضف إلى ذلك أنَّ البيوت الفلسطينية التقليدية القديمة كانت تبنى في الغالب على مغر أو كهوف وَتكون الواحدُ من هذه البيوت في العادة من مكان واسع أو لنقل غرفة واحدة تستعمل للأكل والنوم والمعيشة حيث قسّمت هذه إلى عدة طوابق الأسفل منها للحيوانات هكذا يمكننا فهم كلام البشير لوقا: إذ لم يكن لهما موضعًا في المنزل أي أن مريم العذراء ويوسف لم يجدا مكانًا لهما في المنازل لإزدحامها وبهذا لم يكن لهما سوى أخذ مكان بين الحيوانات في الأسفل وفي هذا السياق نفسر التقليد الغربي للتصور المنتشر القائل بوجود المذود في الإسطبل النجمة الفضية الموجودة في المذود المزّيَن بالمرمر والمكتوب عليها باللاتينية: Hic de Virgine Maria Jesus Christus natus est والذي معناه هنا ولد المسيح يسوع من العذراء مريم والقناديل الخمسة عشر تمثل الطوائف المسيحية المختلفة ومن مميزات البناء الذي أنشأه الإمبراطور قسطنطين أنه حوى في بنائه الأساسي مثمنًا فيه فتحة تؤدي إلى مغارة الميلاد حيث المذود والنجمة غربًا يجد المرء بازيليكا كبيرة تنتهي ببهو محاط بالأعمدة والذي يُطلّ على مدينة بيت لحم وتعرض بعض أجزاء الكنيسة للدمار عدة مرات كان أولها في عام 529 م عندما دمرها السامريون ويعتقد أنهم جماعة من اليهود ينسبون إلى عاصمتهم القديمة السامرة وبعد ذلك أعاد الإمبراطور جستنيان بناء كنيسة المهد على نفس موقعها القديم ولكن بمساحة أكبر وكان ذلك في عام 535 م ولم تقف الاعتداءات على الكنيسة عند هذا الحد ففي سنوات الحروب بين الفرس والرومان التي تمكن فيها الإمبراطور هرقل من طرد الفرس من ممتلكات الدولة الرومانية عام 641 م تعرضت كنيسة المهد للهدم من قبل الفرس عام 614 م بينما أبقى الفرس على بعض مباني الكنيسة عندما شاهدوا نماذج من الفن الفارسي الساساني على أعمدة وجدران الكنسية وفي العصر الإسلامي وخاصة في فترات الحروب الصليبية انتزعها واحتلها الصليبيون حيث وجدوا في مظهرها وعمارتها الخارجية الشبيهة بالحصون والقلاع مكانا مناسبا لإدارة معاركهم ولكنيسة المهد أهمية خاصة في قلوب المسيحيين بمختلف طوائفهم فبالإضافة إلى مكانتها التاريخية فهي أيضا تحمل مكانة دينية خاصة فقد شيدت الكنيسة في نفس المكان الذي ولد فيه المسيح له المجد وتضم الكنيسة مايعرف بكهف ميلاد المسيح وهو المكان الذي وضع فيه بعد مولده وأرضيته من الرخام الأبيض ويزين الكهف خمسة عشر قنديلا فضيا التي تمثل الطوائف المسيحية المختلفة والعديد من صور وأيقونات القديسين والكنيسة عبارة عن مجمع ديني كبير فهي تحتوي على مبنى الكنيسة بالإضافة إلى مجموعة من الأديرة والكنائس الأخرى التي تمثل الطوائف المسيحية المختلفة فهناك الدير الأرثوذكسي في الجنوب الشرقي والدير الأرمني في الجنوب الغربي والدير الفرنسيسكاني في الشمال الذي شيد عام 1881 م لأتباع الطائفة الفرنسيسكان وتمت توسعة الكنيسة في عام 1992 وقد طالب الملك ربورت دون جو ملك نابولي احدى المدن الإيطالية من الملك الناصر محمد بن قلاوون تاسع ملوك دولة المماليك البحرية عام 1333 م بالحصول على تصريح يسمح بإقامة رهبان فرنسيسكان في كنسية المهد والعديد من الأديرة بالقدس وبذلك يصبح لهم تمثيل دائم في الأراضي المقدسة بفلسطين وتقام الطقوس الدينية في كنيسة المهد حسب تقليد كنيسة الروم الأرثوذكس والجدير بالذكر أنَّ الكنيسة تحوي زوايا للطوائف الشرقية المختلفة مثل السريان الأرثوذكس والأقباط الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس وغيرها تعد الطقوس الدينية لدى الطوائف الشرقية أساس التحليق في سماء الإيمان القويم لأنها تخاطب كل حواس المؤمن فالأعين تتمتع بجمال الأيقونات المقدسة وتشنف الآذان بسماع الترانيم الروحية الغنية بمضامينها العقائدية وألحانها العذبة وأما رئتا المؤمن فتمتلئان بشذى الروائح العطرة المنبعثة من البخور المقدس وبواسطة هذه الرموز التي هي واقع عقائديًا ينتشي المؤمن روحيًا وجسديًا ليكون مستعدًا كي يمجد الخالق بكل قلبه وبكل قدرته.