أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

333 - متحف النوبه بمصر

متحف النوبة في أسوان في مصر هو متحف انشأته منظمة اليونسكو في مصر لعرض الأثار الخاصة بالحضارة النوبية القديمة وكذلك يتضمن معلومات عن تاريخ النوبة من عصور ما قبل التاريخ حتى الوقت الحالي مع استعراض لأهم العادات والتقاليد النوبية واللغة النوبية العريقة ولقد صمم عمارة المتحف المهندس المصري محمود الحكيم وقد أتي التصميم متناغما مع البيئة المحيطة به من صخور وتلال وطبيعة الشمس الساطعة والحارة لمدينة أسوان ويمر الزمان وتدور الأيام و يظل المكان شاهدا على براعة المصري الفنان ومن الشواهد على هذه البراعة متحف حينما تدخله تتنسم في جنباته وأركانه عبق تاريخ وفنون النوبة خالدة في تلك التماثيل والمنحوتات والنقوش والمومياوات واللوحات التذكارية وشواهد القبور والجداريات متواجدة في سبع عشرة منطقة للعرض مرتبة ترتيبا زمنيا هذا العبق يتسلل من انفك إلى رئتيك لتشعر بانتعاش يسرى في دماءك هو انتعاش الحضارة النوبية وكان لزاما طبقا لبرنامج إنقاذ آثار النوبة عمل دراسة لحصر الأماكن التي يجب تسجيلها عمليا وهندسيا وتلك التي يمكن أن تجري فيها عمليات النقل حيث كانت البداية بمعبد أبو سمبل الذي تم فكه ونقله إلى مكانه الحالي ثم توالت عمليات الإنقاذ لباقي المعابد في نفس الوقت التي كانت تجري فيها عمليات حفر وتنقيب واسعة في المناطق التي من المنتظر أن تغمرها مياه البحيرة مما أسفر عن اكتشاف آلاف القطع الأثرية التي يرجع بعضها إلى الفترة ما قبل التاريخ وقد تم إيداع هذه الاكتشافات في المخازن من بزوغ فكرة جمع هذه الآثار في متحف ليعرض ويحكي المراحل المختلفة لتاريخ بلاد النوبة حتى يؤمه الزوار من كل بقاع الأرض ليدركوا مدى أهمية التعاون الدولي في الحفاظ على التراث الإنساني ومن هنا بدأت الفكرة تراود عقول صناع القرار في خمسينيات القرن الماضي استمرت الفكرة مختمرة في العقول ما يقرب من أكثر من ثلاثين عاما حتى تحولت على أرض الواقع إلى حقيقة تمثلت في الدراسات لمشروع هذا المتحف في عام 1986 ومن ثم تم تشكيل لجان من المجلس الأعلى للآثار واليونسكو والخبراء المصريون بالجامعات المصرية وانتهت المرحلة الأولى بإسناد التصميمات الهندسية ومشروع إنشاء المتحف إلى المعماري المهندس محمود الحكيم والعرض المتحفي إلى المهندس المكسيكي بيدرو راميرز وفى المرحلة الثانية بدأت عزيمة الرجال في بناء هذا المتحف الذي استغرق العمل فيه نحو عشر سنوات وفى عام 1997 م كانت النوبة وتاريخها القديم في موعد مع التاريخ حيث تم و لأول مرة الكشف عن هذا التاريخ من خلال افتتاح متحف النوبة وتم اختيار الموقع بين سلسلة التلال الجنوبية الشرقية من نهر النيل وعلى الطريق المؤدي إلى مطار أسوان وعلى ربوة مرتفعة من الحجر الرملي والصخور الجرانيتية التي تتميز بتكويناتها المتدرجة والتي استغلت في العرض الخارج للتماثيل كبيرة الحجم وأنشطة أهل النوبة المتمثلة من خلال قرية نوبية صغيرة وسط حدائق تكسوها النباتات المصرية الأصل وعلى مساحة تبلغ 50 ألف متر مربع منها 7 آلاف متر مربع مقام عليها مبنى المتحف و43 ألف متر مربع للموقع الخارجي و العرض المكشوف وخصصت نصف المساحة المقام عليها مبنى المتحف لقاعات العرض المتحفي الداخلي والنصف الأخر للمخازن والترميم وإدارة البحوث وأماكن الإدارة والخدمات العامة كما حفرت قنوات وبحيرات ترمز إلى نهر النيل من المنبع إلى المصب ومجموعة جنادل توضح العلاقة بين النهر والقرى النوبية علاوة على مسرح مكشوف تعرض عليه فنون الفولكلور النوبي وكهف يوجد على جدرانه مجموعة من رسوم لحيوانات ما قبل التاريخ وجعلت الآثار الإسلامية الموجودة في الموقع والتي ترجع إلى العصر الفاطمي هي الأخرى من العناصر الأساسية في العرض المكشوف وعلى نمط الطراز النوبي المعماري تم بناء المتحف و الذي استوحاه المصممون من المقابر الفرعونية وحصل المبنى على جائزة أجمل مبنى معماري في العالم عام 2001 م فقد روعي فيه تحقيق التكامل بحيث يكون منخفضًا في الارتفاع حتى لا يشوه المنطقة الأثرية كما أخذ في الاعتبار المناخ القاري لمدينة أسوان فجاءت فتحات النوافذ صغيرة بالمقارنة بسطح الواجهات التي انعكس عليها الطابع النوبي في المعمار بحيث بدأ واضحا في تكوينات الشبابيك والبوابة والمدخل الرئيسي وهو الأسلوب المعماري السائد في منطقة النوبة منذ عصر ما قبل التاريخ كما أسبغ التصميم على المشروع نوعية المباني التذكارية العامة من تشكيلات نوعية كبيرة في بحور واسعة لعناصره الرئيسية مع تبسيط الكتلة من الخارج وتقرير المواد المناسبة في هيكل خرسانى وحوائط خارجية مفرغة مكسوة بالحجر الرملي وأرضيات قاعات العرض من بلاطات الجرانيت أما بالنسبة للمكونات الداخلية للمتحف فهو يتكون من ثلاثة طوابق : طابق البدروم يحتوى على قاعة العرض الرئيسية والديوراما ومعامل الترميم والورش ومخازن الآثار ومركز المراقبة والمسرح المكشوف والمدرسة التعليمية وخدمات الزوار والطابق الارضى يتكون من المداخل الرئيسية وقاعات العرض المؤقت وكبار الزوار وغرف الأمن والإدارة كما يتصل بالعرض الخارجي للموقع العام والطابق الأول يضم الكافيتريا والمكتبة ومكاتب الأمناء وحجرات التصوير والميكروفيلم وإدارة المتحف والخدمات وقد روعي وجود مركز للمعلومات وقسم للأنشطة التعليمية الخاصة للطلاب وتشكل المجموعة الأثرية الجزء الأكبر من محتويات المتحف والتي من أهمها تمثال الملك رمسيس الثاني - مقصورة قصر أبريم - نموذج لمعبد فيلة - لوحة حجرية لأمنحتب - مقصورة البابون والعقرب - لوازم وحليات للخيول- شواهد قبور تمثال للبا الروح- تمثال أمرديس لوحة بسماتيك - لوحة حجرية لتانوت آمون نموذج للأحمندي - نموذج لمقبرة إسلامية - الساقية والشادوف هيكل عظمي من وادي الكوبانية - نموذج لدفنة نوبية من المجموعة الأولى - تمثال الملك خفرع كما يحتوى على قاعات خاصة للدراسات الانثروبولوجية والاثنولوجية مع التأكيد على العناصر المميزة لشعب النوبة من الناحية الجغرافية والاجتماعية والثقافية ويتمتع الزوار ببرنامج العرض المتحفي الذي يتضمن الأقسام التالية قسم الدراسات الاثنولوجية - قسم لعرض خرائط وصور التكوين الجغرافي للمنطقة ويشمل التطور التاريخي لبلاد النوبة - عصر ما قبل التاريخ - الوجود النوبي المبكر - الدولة الوسطى - المملكة النوبية - الدولة الحديثة - الأسرة الخامسة والعشرين النوبية - الوجود المروى في النوبة السفلى - عصر الأهرامات النوبية - العصر المسيحي النوبي - العصر الإسلامي وإذا كان الزائر من هواه البحث والتسجيل فقد صمم المتحف ليكون معهدا علميا للمتخصصين بحيث يقدم خدماته للزائرين من مختلف الجنسيات والشعوب والثقافات المختلفة ويشتمل على دورات للشرح وقاعات المحاضرات وقاعات العرض المسموعة والمرئية مع وجود دليل سياحي مزود بالصور باللغات الرئيسية بالإضافة إلى مساحات العرض الخارجي المكشوف والذي يعتبر متحفا مكشوفا في الهواء الطلق ويعد فريدا من نوعه في العالم بأسره لاحتوائه على عناصر مختلفة تعكس صورا من حياة النوبيين تتمثل في المقابر الصخرية التي تعكس حالة المتوفى النوبي البدائي و يجسد الكهف صورة حية لبداية فكر النوبي البدائي في مرحلة ما قبل التاريخ أما المجرى المائي فيمثل صورة حية لنهر النيل بشلالاته وانحداره ومزروعاته على الضفتين من نباتات الزينة والنباتات المثمرة كما يضم متحف الهواء الطلق البيت النوبي الذي صمم ليكون صورة طبق الأصل من مسكن الإنسان النوبي بكل عناصره وليعطى صورة حية عن حياة النوبيين الذين عاشوا في هذه المنطقة والمتحف مكيف الهواء بالكامل ومزود بالعزل الصوتي والحراري ومزود بالأبواب الصلبة والالكترونية والدوائر التليفزيونية المغلقة وخمسة مصاعد لخدمة العاملين والزوار و به احدث المعدات الالكترونية من كاميرات مراقبة وأجهزة إنذار للحريق والسرقة وهكذا يعد المتحف النوبي نموذجا مثاليا للمتحف يجعل من أسوان مركزا ثقافيا بجانب تمركزه وتوسطه لسكان المدينة واستقطابه للأجانب ليتعرفوا من خلاله على الفنون والثقافة النوبية وما يمثله من مكان لحفظ التراث ومعهد تعليمي وبحثي ودراسي علاوة على إلقائه الضوء على ارض ظلت آلاف السنين المدخل لقارة أفريقيا هذه الأرض المليئة بالكنوز العديدة أرض الجوهرة السمراء أرض الذهب ومن أشهر الآثار هيكل عظمي لإنسان عمره 200 ألف سنة كان قد عثر عليه سنة 1982 في منطقة إدكوبانيه بأسوان ويحتوي المتحف على 5 آلاف قطعة أثرية تمثل مراحل تطور الحضارة والتراث النوبي ويضم العرض الخارجي للمتحف 86 قطعة فريدة من التماثيل الكبيرة واللوحات الأثرية مختلفة الأحجام والجدير بالذكر أن النوبة هي المنطقة الواقعة جنوب أسوان والممتدة حتى شمال الخرطوم وتنقسم إلى قسمين النوبة السفلى وتتبع مصر وتمتد من أسوان حتى وادي حلفا والنوبة العليا وتتبع السودان وتمتد من وادي حلفا وحتى الجندل الخامس تقريبا وقد ولدت فكرة متحف النوبة أثناء الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة التي نادت بها مصر وتبنتها منظمة اليونسكو وشاركت فيها العديد من الدول وذلك ليضم هذا المتحف المقتنيات الأثرية التي يعثر عليها في منطقة النوبة من قبل البعثات التي كانت تعمل في المنطقة.