أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

120 - حامع الحاكم بأمر الله

جامع الحاكم بأمر الله مسجد بني عام 380 هـ في عهد العزيز بالله الفاطمي الذي بدأ في سنة 379هـ (989م) في بناء مسجد آخر خارج باب الفتوح ولكنه توفى قبل اتمامه فأتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403هـ (1012-1013م) لذا نسب إليه وصار يعرف بجامع الحاكم ويبلغ طوله 120,5 مترا وعرضه 113 مترا فمساحته اقل من مساحة جامع عمرو وفى نهايتى واجهته البحرية الشمالية الغربية وتوجد المئذنتان ويحيط بهما قاعدتان عظيمتان هـرميتا الشكل وتتركب كل قاعدة من مكعبين يعلو أحدهما الآخر والمكعب العلوى موضوع إلى الخلف قليلا فوق السفلى ويبلغ ارتفاع الأخـير ارتفاع أسوار الجامع وتبرز من كل من المكعبين العلويين مئذنة مثمنة الشكل وفى منتصف هـذه الواجهة البحرية وبين المئذنتين يوجد مدخل الجامع الأثرى وهـو أول مدخل بارز بنى في جامع القـاهـرة يغطيه قبو اسطوانى عرضه 48ر3 مترا وطوله 50ر5مترا وفى نهايته باب عرضه 21ر2مترا ومعقود بعقد أفقى من الحجر وهـذا العقد والحائط الموجود فيه حديثا البناء ويوجد في المدخل عن اليمين وعن اليسار بقايا نقوش بديعة ارتفاعها 60ر1مترا تكون طبانا في المدخل ويؤدى المدخل إلى صحن الجامع الذي تحيط به الأواوين وهـى على الترتيب الآتى الايوان الجنوبي الشرقي ايوان القبلة ويتكون من خمسة أروقة وبكل رواق 17 عقدا ويقابله الايوان الشمالى الغربي ويتكون من رواقين وبكل رواق 17 عقدا أيضا والايوانات الشمالى الشرقي والجنوبى الغربي ويتكون كل منهما من ثلاثة أروقة وبكل رواق عقود وكل تلك العقود محمولة على أكتاف تشبه أكتاف الجامع الطولونى إذ توجد في الأركان الأربعة لكل كتف أعمدة مثل أعمدة الجامع الطولونى غير أنها أثخن ولا تيجان لها وقد كانت جميع العقود مغطاة بسقف مسطح من الخشب ويحيط بالسقف من أسفله فيما بينه وبين العقود ازار جصى من الكتابة الكوفية البديعة وجميع الأكتاف والأعمدة من طوب داكن يشبه الطوب المستخدم في بناء جامع بن طولون ويربط الأكتاف بعضها بعض مـيـد أربطة خشبية مكسوة بألواح مزخرفة بنقوش محفورة في الخشب كما كانت تعلو الأعمدة فرشات من الخشب المسطح مكونة من قطعتين أو ثلاث قطع وتوجد في نهايتى حائط القبلة قبتان محمولتان على مثمن كما توجد قبة ثالثة فوق المحراب وقد هـدمت القبة الشرقية بسبب إقامة السور الذي بناه بدر الجمالى ملاصقا للجدار الشرقي للجامع كما سدت جميع النوافذ في هـذا الجدار أيضا لنفس السبب المتقدم وقـد كان يوجد عن يمين المدخل الحالى بابان آخران وقد سدت جميعها كما كان يوجد بابان في الجانب الشرقي باب في الوسط وباب ملاصق للمئذنة وباب في منتصف الجانب الغربي وباب للخطيب بجوار المنبر فيصير مجموع الأبواب تسعة أما الشبابيك في هـذا الجامع فموضوعة على محور كل عقد بخلاف شبابيك الجامع الطولونى فانها منحرفة عنه قليلا وينتج عن ذلك أنه كان يوجد في الجامع الحاكم 16 شباكا وفى كل من الحوائط الجانبية و17 شباكا في كل من ايوان القبلة والحائط المقابل له وقد سدت المئذنتان شباكا من كل جهة فيصبح بذلك عدد الشبابيك 16 فقط ويوجد شباكان في الحائط الخلفى لايوان القبلة على يسار المحراب والزخرفة في هـذين الشباكين لاتشمل على زخرفة هندسية بل تتكون من زخارف نباتية متداخلة بعضها في بعض وكما ذكرنا كان يوجد ازار جصى يحيط بالجامع من الخط الكوفى البديع لا تزال آثاره باقية إلى اليوم في ايوان القبلة كذلك كانت القباب والشبابيك مزينة بزخارف جصية بديعة وحتى المـيـد الخشبية كانت مزينة محفورة في الخشب ولايزال بعضها موجودا في ايوان القبلة وقـد توالت صروف الزمان على هـذا المسجد فاعتدى عليه بدر الجمالى فسد منافذ الجدار الشرقي ببنائه السور ملاصقا لهذا الجدار كما أصابه زلزال سنة 702 هـ (1303م) بتلف شديد فتهدم كثير من العقود والأكتاف الحاملة لها وسقط السقف كما هـوت قمتا المئذنتين وتوالت عليه المصائب حتى تهدمت جميع أواوينه ما عدا بعض عقود في الايوانين القبلى والشرقى فاستخدمته وزارة الآوقاف مخزنا وحفظت فيه التحف والآثار الإسلامية قبل نقلها إلى الدار الحالية وتشغله الآن مدرسة السلحدار الابتدائية وقـد أصلحت إدارة حفظ الآثار العربية أكتاف النصف الغربي من الايوان القبلى وعقوده، وقـد شيد الحاكم مسجدين آخرين هما جامع راشدة سنة 393هـ (1003م) الذي اشتق اسمه من الخطة التي بنى فيها وهـى خطة راشدة وجامع المقس الذي شيده على شاطئ النيل بالمقس ميناء القـاهـرة النهرى في ذلك الحين وليس لهما أثر اليوم ولقد أهمل المسجد لفترات طويلة حتى تحولت أروقته إلى مخازن لتجار الآخرين المحيطين بالمنطقة إذ أنها منطقة تجارية حتى عصر الرئيس أنور السادات والذي طلبت طائفة الشيعة البهرة الذي بدؤوا في الهجرة إلى مصر الإذن بتجديده بالجهود الذاتية ذلك أنه مكان مقدس بالنسبة لهم كما أن الحاكم بأمر الله نفسه شخصية مقدسة وتم ذلك ودعي السادات إلى افتتاح المسجد وكان هناك تخوف من أن يكون ذلك محاولة لأغتياله إلا أنه لم يحدث شيء ومنذ ذلك الحين يقوم الشيعة البهرة الذين هاجروا إلى مصر واستقروا بها كتجار وخصوصاً في منطقة القاهرة العتيقة والجمالية وما حولها برعاية الجامع وهو مفتوح لجميع الطوائف بالصلاة بها