أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

171 - متحف العماره التقليديه بدبي

متحف العماره التقليديه بدبي يعرض متحف بيت العمارة التقليدية في ثناياه جانباً من أسس البناء التقليدي المحلي حيث يمكن للزائر أن يأخذ لمحة سريعة عن أنواع هذه العمارة والمواد المستخدمة في بناء هذه الابنية التي تشكلت وفق طبيعة البيئة والمواد المتوافرة في محيطها آنذاك فكل غرفة من هذا البيت إنما تنقلنا إلى نمط بنائي مختلف من حيث الشكل وطريقة البناء ومواده بطريقة سلسة وواضحة ووافية هذه المواد التي انحصر استخدامها في وقتنا الحالي على ترميم الأبنية المعمارية القديمة يعود هذا البيت الذي شيد في عام 1928م للشيخ جمعة بن مكتوم وهو يقع في منطقة الشندغة على ضفاف الخور ويتمتع بقيم تاريخية واجتماعية وفنية وجمالية من حيث التوزيع والتصميم والعناصر فقد تم اختياره ليكون متحفاً للعمارة التقليدية يحكي قصة وتاريخ العمارة التراثية ويشمل البيت قاعات للتعريف بالعمران التقليدي في دولة الإمارات وعن العمارة التقليدية بالإضافة إلى مواد وأدوات البناء التقليدي والزخارف التراثية كما أن هناك قاعة توضح أساليب البناء التقليدي والقديم بشتى أنواعه وصوره وقد ارتبطت نظم البناء في العمارة التقليدية بشكل رئيس بالمواد المحلية المتوافرة في البيئة الأمر الذي شكل طابعاً معمارياً لكل منطقة حسب مادة البناء المتوافرة إلى جانب الاستعانة لاحقاً بالعناصر الإنشائية المستوردة من الخارج مع مراعاة مناسبتها للشخصية المحلية وصار ممكناً تصنيف العمارة التقليدية التي انتشرت في المنطقة وفقاً لظروف المنطقة وطبيعتها البيئية من هذه الأنواع نجد المسكن الحجري حيث يتميز هذا النوع بصغر حجمه ومساحته قياساً بالأنواع الأخرى إلى جانب استخدام الأحجار من دون مادة رابطة بينها لبناء الجدران مع وجود فتحات ضيقة وتتميز ببساطة عناصرها وزخارفها كما تسقف المساكن الحجرية باستخدام جذوع وأغصان الأشجار المحلية أما البناء المسمى بالكرين الجبلي والذي انتشر في المناطق الساحلية فيبنى من الأحجار الجبلية ويغطى سقفه بالمواد المحلية المستمدة من منتجات النخيل ويكون على شكل مائل لإعطاء ارتفاع مناسب للاستخدام في حين أنَّ المسكن الطيني جرى بناؤه وفق النمط المعماري الغالب على المناطق الجبلية والواحات ويتميز البيت بجدرانه السمكية وهو غالباً ما يتكون من طابق واحد أو طابقين كما تستخدم جذوع النخيل وجريدها كمادة تسقيف أساسية للمبنى وتتميز المباني القديمة بقلة فتحاتها الخارجيه وبالنسبة لبيوت الشعر فهي تشكل نمط العمران المؤقت لسهولة الفك والتركيب حيث استخدمها البدو قديماً وعادة ما تنصب بيوت الشعر على شكل تجمعات حول آبار المياه في فصل الصيف بينما يتفرق قاطنوها في فصل الشتاء والعريش من المساكن الصيفية الأكثر انتشاراً في المناطق الريفية وعلى أطراف المدن ويبنى من جريد النخيل وعادة ما يتكون من غرفة أو غرفتين ويحاط بسياج من جريد النخيل ويزود العريش في فصل الصيف بالبارجيل المصنوع من الخيش ونجد أنَّ البيوت المشيدة من الحجر المرجاني والصدفي تمثل أكثر العمارة التقليدية تطورا وصلابة في العمران التقليدي وهذا النوع انتشر في المدن الساحلية واستمر تأثير تشكيلاته على العمارة في المرحلة الانتقالية باستبدال المواد التقليدية بمواد حديثة ويدخل الحجر المرجاني أو الصدفي فيه بصورة أساسية كمادة بناء تقليدية وفي الغرفة الأخرى نقف على المواد المستخدمة في البناء قديماً حيث نجد الطين واللبن ويعد من أقدم المواد الإنشائية وقد شاع في المباني الريفية وكان يخلط مع الماء والتبن لزيادة قوة التماسك ثم يوضع في قوالب خشبية لتشكيله والصاروج هو نوع من الطين الأحمر المحلي الذي اكتسب أهمية في البناء كونه مادة تستخدم كأساسيات فوق الأسطح لعزل الماء حيث يتم خلط الطين بروث البقر ليصبح أشد مقاومة وأكثر تماسكاً ثم يحرق لأيام عدة ويستخدم بعد خلطة بالماء كمادة رابطة قوية تكسبه مقاومة جيدة لمياه الأمطار وأيضاً نجد الجص الذي استخدم كمادة رابطة للتكسية الداخلية والخارجية ولصب القوالب الزخرفية وكان يستخرج من منطقتي القصيص والقرهود على شكل قطع حجرية توضع فوق بعضها بعضاً وتسمى كورة حيث يحرق لأيام عدة ثم يخلط بالماء عند الاستعمال أما الأخشاب فمنها ما هو محلي ومنها ما هو مستورد يعتمد المحلي على جذوع الأشجار ومن أهمها النخيل ومنتجاته الأخرى من جريد النخيل وسعف النخيل وتستخدم كمادة إنشاء وتسقيف أما المستورد فمنه أخشاب الشندل التي عادة ما تجلب من شرق إفريقيا وتستخدم كدعائم للتسقيف وقد شاع استخدام أخشاب المربع في فترة الأربعينات وكانت تستورد من الهند وفي غرفة أخرى تم عرض أدوات القياس التي استخدمها البناء للتأكد من أنَّ البناء شكله مستقيم أفقياً وعمودياً وكذلك لتحديد مقاسات الفتحات وكان جسم الإنسان هو المصدر الأول وللقياس حيث استخدم الباع وهو امتداد يدي رجل مبسوطتين والذراع هي طول يد واحدة والشبر هو المسافة بين الإبهام والخنصر والفتر وهو المسافة بين الإبهام والسبابة واستخدم ميزان الماء لضبط استواء البناء والمقياس لتحديد الفتحات والكوات ونجد أيضاً أدوات النقش والزخرفة التي كانت تعكس الحالة الاجتماعية والمعيشية لأصحاب هذه المساكن وهكذا أصبح البيت متحفاً تربوياً وثقافياً وفنياً ومعلماً تاريخياً يحكي قصة حضارة وتاريخ متجدد