أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

367 - المدرسة المستنصرية ببغداد

المدرسة المستنصرية مدرسه عريقة أسست في زمن العباسيين في بغداد عام 1233 على يد الخليفة المستنصر بالله وكانت مركزا علميا وثقافيا هاما وتقع في جهة الرصافة من بغداد ولقد شيدت المستنصرية على مساحة 4836 متراً مربعاً تطل على شاطئ نهر دجلة بجانب قصر الخلافة بالقرب من المدرسة النظامية وكانت تتوسط المدرسة نافورة كبيرة فيها ساعة المدرسة المستنصرية العجيبة وهي ساعة عجيبة غريبة تعد شاهداً على تقدم العلم عند العرب في تلك الحقبة من الزمن تعلن أوقات الصلاة على مدار اليوم وتتألف المدرسة من طابقين شيدت فيهما مائة غرفة بين كبيرة وصغيرة إضافة إلى الاواوين والقاعات وكانت المكتبة زاخرة باعداد ضخمة من المجلدات النفيسة والكتب النادرة وبلغ تعدادها 450 الفا وتعد مرجعاً للطلاب كما قصد المكتبة الكثيرون من العلماء والفقهاء وترددوا عليها وافادوا من كنوزها العلمية والأدبية نحو قرنين من الزمن وقد نقل الخليفة نفائس الكتب من مختلف العلوم والمعارف ما يقدر بـ80 الف مجلد بحسب الصنوف ويتم اختيار الطلاب من المدارس المختلفة ومن الذين اشتهروا بالتأليف والتصنيف والتدريس من مختلف المدن العراقية والبلدان الإسلامية كالأندلس ومصر وقوينة والشام وأصفهان وخراسان ومدة الدراسة في المستنصرية عشرة اعوام وتضم اقسام علوم القرآن والسنة النبوية والمذاهب الفقهية والنحو والفرائض والتركات ومنافع الحيوان والفلسفة والرياضيات والصيدلة والطب وعلم الصحة وهي أول جامعة إسلامية جمعت فيها الدراسة الفقهية على المذاهب الاربعة الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي في مدرسة واحدة اما المدارس الفقهية التي قبلها فأختصت كل واحدة منها بتدريس مذهب معين من هذه المذاهب وبعد انتهاء الدراسة يمنح الطالب شهادة التخرج التي تؤهله التوظف في دواوين الدولة وظل التدريس قائما في الجامعة المستنصرية أربعة قرون منذ ان أفتتحت في سنة 631 هـ/1233م حتى سنة 1048 هـ/1638م وان تخلل ذلك فترات انقطاع كانت الأولى في أثناء الاحتلال المغولي لبغداد سنة 656 هـ/1258م وتوقفت الدراسة فيها قليلاً ثم عاد إليها نشاطها من جديد حيث استؤنفت الدراسة في نفس السنة وظلت الدراسة قائمة بالمستنصرية بانتظام بعد سقوط بغداد نحو قرن ونصف من الزمن وتوقفت الدراسة بها وبغيرها من مدارس بغداد بسبب تدمير تيمورلنك لبغداد مرتين الأولى سنة 765 هـ/1392م والأخرى في سنة 803 هـ/1400م حيث قضى تيمورلنك على مدارس بغداد ونكل بعلمائها وأخذ معه إلى سمرقند كثيراً من الأدباء والمهندسين والمعماريين كما هجر بغداد عدد كبير من العلماء إلى مصر والشام وغيرها من البلاد الإسلامية وفقدت المستنصرية في هذه الهجمة الشرسة مكتبتها العامرة وظلت متوقفة بعد غزو تيمورلنك نحو قرنين من الزمن حتى أفتتحت للدراسة عام 998 هـ/1589م ولكن لم تدم طويلا فعادت وأغلقت أبوابها عام 1048 هـ/1638م ومن ثم فتحت مدرسة الآصفية في مكانها وكانت مدرسة الآصفية من مرافق المدرسة المستنصرية وجدد عمارتها الوزير داود باشا والي بغداد في عام 1242 هـ/ 1826م وسميت بالآصفية نسبة إلى داود باشا الملقب بآصف الزمان ولقد استعادت دائرة الآثار العراقية ملكية المدرسة المستنصرية عام 1940م وأجريت أول أعمال صيانة للمدرسة 1960م والصيانة الثانية كانت في 1973م.