أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

379 - هرم أوناس بمصر


هرم الملك أوناس الذي كان آخر فراعنة الأسرة الخامسة هو الآن متهدم إلى حد كبير فلقد اختفى غطاؤه الخارجي باستثناء الوجه الجنوبي حيث رممت بعض كتل الحجر الجيري في الأزمنة القديمة وتعد هذه إحدى أقدم عمليات الترميم في التاريخ وقد أجريت بعد نحو 12 قرناً من بناء الهرم بمعرفة خا - إم - واست ابن الملك رمسيس الثاني وقد كان حينئذ رئيس كهنة بتاح في منف وكانت أبعاد الهرم الأصلية هي 43 متراً للارتفاع و 57 متراً ونصف المتر لطول الضلع وهناك إلى جنوب الهرم حفرة مستطيلة تشير إلى موقع هرم تابع كان من المفترض تشييده للكا روح الملك ويوجد إلى الشمال بئر حفر خلال العصر الصاوي كمقبرة خاصة وترجع أهمية هذا الهرم إلى حقيقة أنه كان أول هرم يضم نقوشاً داخلية ويؤدي دهليز هابط بارتفاع نحو متر وأربعة أعشار المتر إلى داخل الهرم ويفتح على ردهة تؤدي إلى دهليز آخر به بقايا ثلاثة كتل جرانيتية كانت في الأصل تغلق الممر وتلي هذا الغرفة الأولى وبها فتحة صغيرة تؤدي إلى غرفة مستطيلة بثلاث كوات يحتمل أنها كانت تستخدم لحفظ تماثيل الكا الملكية وفي الجدار المقابل ممر يؤدي إلى حجرة الدفن التي يوجد في نهايتها التابوت الملكي الكبير من الديوريت والسقف في هاتين الغرفتين مزين بنجوم السماء المصرية وكل منها خماسية الأطراف والجدران مغطاه بنصوص هيروغليفية كانت في الأصل زرقاء اللون وتعرف هذه الكتابات بنصوص متون الأهرام وتضم تعاويذ سحرية كانت تسمح للمتوفى بالتغلب على قوى الشر واجتياز الأخطار في الحياة الآخرة وتبنى خلفاء أوناس اللاحقون مثل الملكين تيتي وبيبي الأول هذه النصوص في أهرامهم أوناس أو ونيس كان أخر ملوك الأسرة الخامسة وكان أول ملك في الأسرة لا يحتوي اسمه أو يتدخل فيه اسم رع وعلى الرغم من ذلك فإنه كان يلقب ابن رع كأسلافه ولا نعرف عن حكمه إلا القليل ولكنه ذادت شهرته واحتدت إلي أبعد الأماكن فقد عثر على أنية تحمل اسمه في البقايا الأثرية التى كشف عنها في بيبلوس أكبر المدن التجارية على الشاطئ الفينيقي ويتفق جدول تورين ومانتون على أن حكمه قد دام زهاء ثلاثين سنة ونهجت مصر خلال حكمه دبلوماسية نشطة في علاقتها ببيبلوس والنوبة كما اشتهر أوناس بولعه بأعمال التشييد في جزيرة الفنتين وفي سقارة البحرية على وجه التحديد حيث أقام مجموعته الجنائزية التى رصدها الأمير خعمواس في عهد رمسيس الثاني وظلت شاهداً على عظمته ما يستحق أن يرفع إلي مصاف الإله المحلي بخلاف ذلك اشتهر ونيس أيضاً بما عثر عليه من نقوش ومناظر كانت تغطي جدران الطريق الذي يصل بين معبد الشعائر ومعبد الوادي والتى مثلت الملك وهو يؤدي الشعائر وأخري تمثل الزراعة والصيد وغيرها ومن نقوش الملك أوناس أخر ملوك الأسرة الخامسة ما يمثله كذلك وأحدي المعبودات ترضعه وهى صورة تتميز بدقة خطوطها وحلاوتها على أن أصابع يد المعبودة مثلث كاملة لا يختفي منها شئ على نقيض ما تقتضيه قواعد الرسم والمنظور ولقد تميزت نقوش الأسرة الخامسة بالخشونة والصلابة واستمر ذلك في نقوش الملك أوناس ونيس أخر ملوك هذه الأسرة ومعه ينتهي بصفة عامة العصر الكلاسيكي للدولة وتصبح الأسرة السادسة بداية عصر الانحطاط الذي يشمل الفترة الانتقالية الأولي حتى إعادة توحيد القطرين على يد منتو حوتب الثاني وهذا التقسيم مصطبغ لسببين أولاً لأنه ليس سوى إسقاط لتقسيم مانتون ثم أن الأمر ينطوي على إكراه وتعسف لمسار التاريخ باختلاف تقسيم لم يدركه كتاب التاريخ المصريون فبالإضافة إلي أن العديد من الموظفين قد استمروا يخدمون جد كارع و أوناس وتيتي أول ملوك الأسرة السادسة على التوالي فلا يمكن اعتبار عصر أوناس عصر اضمحلال بأي حال من الأحوال وبنهاية حكم أوناس انتهت الأسرة الخامسة طبقاً للتقسيم الذي أورده مانيتون وإن كنا لا نجد الأسباب التى يمكن أن تبرر انتقال الحكم إلي أسرة جديدة وهناك بعض الحجج التى يتقدم بها المجندون لجعل أوناس أول ملوك الأسرة السادسة وليس أخر ملوك الأسرة الخامسة ومنها أنه لم تظهر نصوص الأهرام في أي هرم قبل هرمه على حين نجد أن جميع أهرام ملوك الأسرة السادسة بل وملكاتها تحتوى على تلك النصوص كما يلاحظون أيضاً أن الملك تتي وهو من ملوك الأسرة السادسة قد أتم النقوش التى لم تكن قد تمت في عهد أوناس وثانياً نبذة أثرية عن الملك أوناس  هرم أوناس يعتبر من أهم الأهرامات المصرية حيث توجد به نصوص الأهرام التى وجدت لأول مرة في تاريخ مصر القديمة في هرم أوناس ولها طابع أدبي ممتاز يكاد يصل في جماله إلي أسلوب الشعر وبالنسبه الوصف المعماري لهرم أوناس يقع جنوب غرب مجموعة الهرم المدرج إقامة الملك أوناس آخر ملوك الأسرة الخامسة التى يحدد تاريخها من  2560 – 2420 ق . م والارتفاع الحالي لهرم أوناس يقرب من 19 متراً ولكن ارتفاعه الأصلي كان 44 متراً وطول كل ضلع منه 67 متراً وهو مهدم تهدم كبيراً ومن الواضح أن الهرم كان مبنياً بالأحجار الجيرية المحلية ككتلة صماء ومازال الكثير من أحجار الكساء باقية في مكانها وعلى الأقصي في الجهتين الشمالية والشرقية وعلى الجهة الجنوبية نقشاً مكتوباً كعلامات كبيرة الحجم سجل فيه الأمير خع أم واس ترميمه لهذا الهرم ودخل الهرم في الناحية الشمالية منه وفي منتصفه تقريباً وفي مستوى القاعدة وهو منحوت في الصخر على مسافة قصيرة من قاعدة الهرم ويؤدي إلي ممر مقطوع في الصخر أيضاً وكذلك الحجرات الداخلية فيه وكان مدخل الهرم مغلقاً عند اكتشافه بكتلة كبيرة من الحجر الجيري وطول الممر الهابط 14.35 متراً وزاوية انحدار 22 ْ وينتهي بردهه ونجد بعد الردهه ممراً أفقياً طوله 18 متراً فيه ثلاث متاريس من الجرانيت ويؤدي هذا الممر الأفقي إلي ردهه سقفها جمالونى مثلث وفي الجهة الشرقية من هذه الردهه أي إلي يسار الداخل نجد دهليز يؤدي إلي ثلاث فجوات في الجدار وفي الجهة الغربية دهليز مماثل يؤدي إلي حجرة الدفن وسقف حجرة الدفن جمالوني مزين بنجوم منقوشة نقشاً بارزاً وملونة باللون الأصفر فوق أرضية زرقاء وفي أخر الحجرة نجد التابوت وهو من الجرانيت الأسود ومصقول صقلاً جيداً وجدران حجرة الدفن في الجزء الذي يشغله التابوت مكسوة بالمرمر المصقول ومزخرفة بالزخارف التى تمثل واجهة القصر وهي ملونة باللونين الأخضر والسود أما باقي الجدران ما عدا الممر الهابط المبني بالجرانيت فهي مبنية بالحجر الجيري الأبيض الجيد وسطح جدران حجرة الدفن باستثناء الجزء المكسو بالمرمر والردهه والممرات الأخرى بل الجزء الأسفل من الممر الهابط مغطاه كلها من السقف حتى الأرض بفصول من نصوص الأهرام وهذه الكتابات منقوشة على الجدران نقشاً غائراً وملونة باللون الأزرق وهى منحوتة بعناية وفي حالة حفظ تامة وتحتوى على فصول من نصوص الأهرام لم ترد بعد ذلك في الأهرام الأحدث عهداً ولها طابع أدبي ممتاز يكاد يصل في جماله إلى أسلوب الشعر ونصوص الأهرام بداء من الملك أوناس حتى بيبي الثاني والملك أبا من ملوك الأسرة الثامنة وثلاث ملكات ينتمين إلي أواخر الأسرة السادسة ونقشت متون الأهرام لأول مرة في هرم أوناس كما ذكرنا في أواخر القرن الخامس والعشرين ق.م على وجه التقريب غير أن ذلك لا يعني أنها ألفت في عهده لأول مرة أوانها كانت من وضع فرد بعينه أوانها اقتصر على عقائد عصر بعينه وأنما هي الأرجح من انتاج كفايات فكرية متباينة ومذاهب دينية متعددة ظلت نصوصها وافكارها متفرقة قبل عهد ونيس في صدور الكهان وعلى صفحات البردي وسطوح الفخار والأحجار على أفواه الرواة والمحدثين عهوداً طويلة حتي صمت الرغبة في عهد ونيس في تسجيلها فى باطن هرمه تأكيداً للاستفادة الأخروية من تراتيل الدين التى تضمنها معبد الوادي وعلى الطرف الأخر من الطريق الصاعد أى ناحية الشرق كشف عن معبد الوادي وما يظهر منه الآن بعض الجدران العالية وعاموداً من الجرانيت تاجه بشكل نخيلي ولقد كشفت حفائر سنة 1972 عن اجزاء كبيرة من هذه الجدران أن دلت على أنها كانت عبارة عن ميناء رست عندها المراكب التى كانت تحمل جثمان الملك للصلاة عليه قبل دفنه في هرمه بعد نقله في موكب ديني مهيب عبر الطريق الصاعد إلي المعبد الجنائزى وهو على مقربة من مدخل الطريق المؤدي إلي منطقة أثار سقارة على مقربة من حافة الأراضي الزراعية وتم الكشف عنه قبل قيام الحرب العالمية الثانية ببضع سنوات ولكن الحفائر لم تستأنف بعد ذلك ولم يتم كشف المعبد كله.