أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

198 - متحف زعماء الثوره

متحف زعماء الثورة يقع فى منطقة الجزيرة على نيل القاهرة مباشرة الشاهد على تشكيل أول تنظيم عسكرى مصرى يهدف إلى قلب نظام الحكم بهدف استقلال البلاد عن التبعية الأجنبية و‏أنشئ المبنى تحت‏ ‏رعاية‏ ‏الملك‏ ‏فاروق‏ ‏كمبنى‏ ‏سكنى‏ ‏عام ‏١٩٤٩‏ على الطراز المعمارى اليونانى القديم ‏بميزانية‏ ‏لا‏ ‏تقل‏ ‏عن ‏١١٨‏ ألف‏ ‏جنيه وكان من المقرر الانتهاء من إنشائه خلال عامين فقط ويتكون المبنى من ثلاثة طوابق على شكل مربع يضم ٤٠ غرفة تمتد على مساحة تصل إلى ٣٢٠٠ متر مربع وتحيط به حدائق يتوسطها بهو كبير‏ ‏ولم‏ ‏يكن‏ الملك فاروق ‏يتصور‏ وقتها أن هذه البقعة الهادئة الواقعة فى منطقة الجزيرة ستشهد أحداثاً درامية تطيح به‏ فكان‏ ‏المبني‏ ‏فى‏ ‏البداية‏ ‏مرسى‏ ‏للسفن‏ ‏واليخوت‏ ‏الملكية‏ ‏وكان‏ ‏من‏ ‏المفترض‏ ‏أن‏ ‏يسلم‏ ‏للملك‏ ‏فى ‏يوليو‏ ١٩٥٢ ‏غير‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يطأه‏ ‏بقدمه‏ ‏لقيام‏ ‏الثورة‏ ‏ليتحول‏ ‏بعدها‏ إ‏لى متحف‏ ‏زعماء‏ ‏الثورة ففى ‏٢٣‏ يوليو ‏١٩٥٢ ‏كان‏ ‏يحيط‏ ‏المبنى‏ ‏أربع‏ ‏دبابات‏ ‏ومدرعات‏ ‏مزودة‏ ‏بأسلحة‏ ‏سريعة‏ ‏الطلقات ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏استطاع‏ ‏الضباط‏ ‏الأحرار‏ ‏إصدار‏ ‏الأوامر‏ ‏بعدم‏ ‏خروج‏ ‏السيارات‏ ‏ومنع‏ ‏التجول‏ ‏داخل‏ ‏المبنى‏ ‏والقبض‏ ‏على‏ ‏قادة‏ ‏الجيش‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يدبرون‏ ‏للقضاء‏ ‏علي‏ ‏حركتهم‏ واستطاع ‏الضباط‏ ‏الأحرار‏ ‏‏الاستيلاء‏ ‏على ‏المبنى‏ ‏بالكامل‏ ‏وأذاعوا‏ ‏فيه‏ ‏بيان‏ ‏الثورة‏ وقال‏ ‏محمد‏ ‏نجيب‏ ‏فى ‏مذكراته تحركنا‏ ‏ليلة‏ ٢٣‏ يوليو ‏١٩٥٢ ‏وتم‏ ‏الاستيلاء‏ ‏على ‏المبنى ‏لأننا‏ ‏اعتبرناه‏ ‏محور‏ ‏نجاح‏ ‏الحركة ‏الانقلاب‏ وتتوافر فيه أسباب الأمان لموقعه فى منطقة منعزلة يمكن الدفاع عنها على عكس الحال فى مبنى مجلس قيادة الجيش فى كوبرى القبة وعن‏ ‏الأعمال‏ ‏الإدارية‏ ‏لقيادة‏ ‏الثورة‏ ‏وضع‏ ‏اليوزباشى ‏فؤاد‏ ‏نصر صندوقين‏ ‏كبيرين‏ ‏لتلقى‏ ‏الشكاوى‏ ‏فى‏ ‏واجهة‏ ‏المبنى‏ ‏وكان‏ ‏عدد‏ ‏الشكاوى‏ ‏المقدمة‏ ‏ألف‏ ‏شكوى‏ ‏تقريبا‏ ‏عن‏ ‏مشاكل‏ ‏زوجية‏ لم تخل من طرافة فى بعض الأحيان مثل تلك الشكوى التى طالب صاحبها بسن‏ ‏قانون‏ ‏لمنع‏ ‏دخول‏ ‏الحموات‏ ‏إلى‏ ‏بيوت‏ ‏الأبناء‏ وشهد ‏المبنى أهم الأحداث التى صنعت التحولات الكبرى فى التاريخ المصرى مثل عزل الملك فاروق وإعلان الجمهورية إلى جانب مصادرة أملاك أسرة محمد على وصدور قانون الإصلاح الزراعى وحل الأحزاب وإعلان دستور ١٩٥٦ ومحاكمات الثورة ومنها محاكمة سلاح الفرسان عام ١٩٥٤واتفاقيات السودان والجلاء مع الجانب البريطانى التى أنهت الاحتلال الأجنبى للبلاد ومحاكمة الإخوان عامى ١٩٥٤ و١٩٥٦ ومحاكمة مجموعة عبدالحكيم عامر عقب نكسة يونيو ١٩٦٧ كما اتخذه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مقراً له بعد‏ ‏التأميم والعدوان الثلاثى على مصر عام ١٩٥٦ حيث ‏انتقل‏ ‏إليه مع‏ ‏أسرته واتخذه سكناً ومقراً لعمله‏ ‏فكان مكتبه فى الطابق الثالث فى المبنى لمتابعة قرارات الثورة حتى إن ‏جنازته‏ ‏المهيبة‏ ‏عام ١٩٧٠ انطلقت من ‏هذا‏ ‏المبنى‏ حيث كان نعشه ‏ملفوفا‏ ‏بعلم‏ ‏مصر‏ ‏على‏ ‏عربة‏ ‏مدفع حتى مثواه الأخير بحدائق القبة وانحسرت الأضواء عن المبنى بعد انتقال السلطات إلى مقر مجلس الوزراء فى شارع قصر العينى إلى أن عادت إليه عندما اتخذه الرئيس الراحل محمد أنور السادات مقرا لمحاكمة من سماهم بمراكز القوى فى ١٥ مايو ١٩٧١ فيما عرف بـثورة التصحيح وأصبح‏ ‏المكان‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏مقرا‏ ‏لوحدات‏ ‏عسكرية‏ ‏مختلفة‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يصدر‏ ‏الرئيس‏ ‏السابق حسنى مبارك‏ ‏قراراً‏ ‏رقم ٢٠٤ عام ١٩٩٦ بنقل تبعية مقر مجلس قيادة الثورة الكائن بمنطقة الجزيرة فى محافظة القاهرة إلى وزارة الثقافة ليكون متحفاً لزعماء ثورة ٢٣ يوليو وفى نفس العام أصدر فاروق حسنى وزير الثقافة السابق قرارا برقم ٤٢٢ بضم المبنى إلى المركز القومى للفنون التشكيلية قطاع الفنون التشكيلية حالياً ليتولى إعداده كمتحف لزعماء الثورة وتلى ذلك تشكيل لجان متخصصة لجمع وتسلم جميع المقتنيات التى تخص زعماء الثورة والموجودة برئاسة الجمهورية حتى بلغ عدد مقتنيات المتحف ١١٨٨٦ قطعة من أهمها الميكروفون الذى أذاع منه الرئيس السادات بيان الثورة وأول علم رفع على أرض سيناء بعد العبور عام ١٩٧٣م والعديد من صور الرئيس جمال عبدالناصر مع زعماء العالم وصور للرئيس أنور السادات ومجموعة من التماثيل النصفية للرئيسين عبدالناصر والسادات ومجموعة من الهدايا المقدمة للرئيس السادات فى مناسبات مختلفة ومجموعة من طوابع البريد التذكارية الصادرة فى المدة من ١٩٥٢ إلى ١٩٦٠ بمناسبة أعياد الثورة والعديد من الوثائق الخاصة بأحداث الثورة وزعمائها وبعد الانتهاء من نقل المقتنيات إلى المبنى بدأت أعمال الترميم عام ٢٠٠٣م بحسب المهندس الراحل محمود بسيونى مدير عام الإدارة الهندسية بقطاع الفنون التشكيلية وقدرت تكاليف ترميم المتحف بـ٧٠ مليون جنيه ولكن تباطأت الشركة المنفذة فى العمل بحجة ضعف التمويل حتى توقف العمل تماماً ثم أجريت مناقصة لتنفيذ المشروع مرة أخرى فازت بها شركة المقاولون العرب عام ٢٠٠٩ ولكن العمل لا يزال بطيئا لنقص الدعم للمشروع وأوضح أن المتحف الجديد سيضم مقتنيات زعماء الثورة وإعداد جناح خاص لكل من الرؤساء محمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات وسيضم المتحف ١١٨٨٦ قطعة من مقتنيات عبدالناصر والسادات منها سيارة الأوستين للرئيس جمال عبدالناصر والملف السياسى والشخصى له وشهادة حسين الشافعى عن الثورة ومجموعة من الوثائق المصرية والبريطانية وشرائط الفيديو لتسجيلات الإذاعى طارق حبيب مع زعماء الثورة وسوف يضم مجموعة نادرة من التحف والنجف والأثاثات المكتبية ومنها منضدة الاجتماعات الشهيرة التى كان يعقد حولها زعماء الثورة اجتماعاتهم ويتضمن سيناريو العرض المتحفى للقصر البحث فى المصادر الوثائقية لتحقيق وتوثيق أهم الأحداث التاريخية السابقة لقيام ثورة ٢٣ يوليو وكذلك السيرة الذاتية لأعضاء مجلس قيادة الثورة مع التأكيد على سير الرؤساء محمد نجيب وجمال عبدالناصر وأنور السادات والجدير بالذكر أنه لا مساس بالمبنى وإن جميع أعمال الترميم لتجميل الموقع وكل ما يلزم المشروع من خزانات للكهرباء والمياه وغيره من إنشاءات تمت تحت الأرض حتى لا يؤثر على شكل المتحف وأنشئت غرفة للمؤتمرات على مساحة ٣٥٠ متراً مربعاً على عمق تسعة أمتار تحت الأرض والتى تجهز للندوات والحفلات الثقافية ويتوسط المتحف البهو المكشوف الذى يعلوه النسر شعار الثورة بالإضافة إلى تغطية هذا البهو بالبولى كربونيت الكاشف للضوء والمؤمن من تسرب الأتربة ومن جهة النيل مرسى السفن كما هو وأمامه المسرح الرومانى والمكتبة السمعية والمرئية وأن أهم ما سوف يعد للمتحف هو غرفة البانوراما التى ستعرض كل إنجازات وأعمال الثورة عن طريق تحريكها بشكل دائرى للزائر.