أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

428 - حديقه جروتاس بارك أو حديقه عالم استالين ليتوانيا

تقع حديقه عالم استالين في جمهورية ليتوانيا وهي حديقة غير تقليدية يمكنك فيها التمتع بروح المغامرة والإثارة والمفاجئات مقابل 40 يورو وذلك من خلال دخولك في متاهة من الممرات والدهاليز وسط ضربات وأصوات السياط الجلدية المختلطة بأصوات الكلاب الألمانية الغاضبة إنها حديقة غير عادية تعود بالسياح إلى فترة تاريخية عصيبة من تاريخ ليتوانيا إنها جروتاس بارك Grutas Park وجروتاس بارك أو جروتو باركاس كما ينطقها الليتوانيون أوعالم استالين كما هو شائع سياحياً هي واحدة من أشهر المعالم السياحية في ليتوانيا وشمال أوروبا تأخذك إلى الحقبة الشيوعية أو إلى الحكم السوفييتي الذي حكم ليتوانيا فترة طويلة تأسست عام 2001م من قبل رجل الأعمال فيليوماس ماليناوسكاس الحاصل على جائزة نوبل في نفس العام تقع البارك جنوب العاصمة الليتوانية فيلنيوس بحوالي 130 كيلومتراً وبعد استقلال ليتوانيا عن الإتحاد السوفيتي عام 1990م ألقيت جميع التماثيل التي كانت منحوتة لرؤساء ومشاهير الحقبة الشيوعية وتم تكسير بعضها وألقي بالبعض الآخر في الشوارع العامة حينها طلب فيليوماس ماليناوسكاس من الحكومة الجديدة الحق في شرائها وإعادة نحت ما تكسر منها لإقامة متحف تاريخي وسياحي يجمعها إلى أن استقر الأمر وتبلور في فكرة جديدة وهو إنشاء هذه الحديقة المثيرة والتي تحاكي معسكرات العمل والتعذيب على غرار المعسكرات الحقيقية التي أقامتها الشيوعية حيث نجد فيها محاكاة دقيقة لها مثل ممرات خشبية ودهاليز وأسوار شائكة وأبراج حراسة وسط جنود وكلاب بوليسية حتى يخيل للسائح أنه في رحلة عبر التاريخ واجه البارك الكثير من المعارضة الشديدة التي ترفض فكرتها من الأصل رغم أنه يعد أحد أكبر المعالم السياحية في ليتوانيا ويجذب الملايين من الزوار سنوياً ومازالت هناك معارضة قوية لا تؤيد استمرار نشاط البارك حتى بعد افتتاحه وهناك أفكار أخرى لم تسمح الدولة على تنفيذها من أمثلة ذلك القطار الذي كان من المفترض أنه يطوف بالسياح داخل الحديقة رفضت الدولة طرازه الذي يحاكي قطارات الحقبة الشيوعية وتحتوي الحديقة على معالم أخرى مثل حديقة حيوانات وملاعب وكافيهات وآثار وبها مطاعم لا تقدم سوى الأطباق التي كانت سائدة في الحقبة الشيوعية وتهدف الحديقة كما يقول القائمون عليها إلى إتاحة الفرصة للشعب الليتواني وللسياح وللأجيال القادمة لرؤية ممارسات السوفييت التي قمعت حرياتهم بطريقة وحشية لعقود طويلة وذلك بعرضها بطريقة شيقة ومثيرة وليست داخل حصص مدرسية أو كتب تاريخية صماء وبمجرد دخولك الحديقة تشاهد تمثالاً رمادياً ضخماً لأشهر الزعماء السوفييت فلاديمير لينين وتصيح مكبرات الصوت في الحديقة بصوته الجهوري وهو يشجع الجنود على العمل بالسُخرة كما تقابلك تماثيل أخرى لستالين وكارل ماركس وتمثال آخر شرير لمؤسس المخابرات السوفيتية دزيريجنسكي بالإضافة لمشاهير قتلتهم النازية في الحرب العالمية الثانية أما متحف البارك فهو يضم جميع ما يخص تلك الفترة السوداء في تاريخ ليتوانيا من صور وتذكارات وأثاث وكتب ويقصده الدارسون والمهتمون بتلك الفترة كونها رصداً دقيقاً للشيوعية في حين يقول بعض المؤرخين أن البارك ما هو إلا تزييف للتاريخ وقلب للحقائق.