أنت مدعو للتجول معي في مدونة عمارة الأرض للذهاب في المكان من شمال الأرض لجنوبها ومن شرقها لغربها وفي الزمان من عصور سحيقة في القدم مرورا بعصور الفراعنة وشعب المايا و الصينيين و اليونان و الرومان ولعصور الخلافة الإسلامية ومن عصور النهضة الي العصر الحديث لترى طرائف غرائب و من أصغر بيت في العالم إلى أكبر ما أبدعه الانسان ومن منزل يسكنه الإنسان إلى أعلي ناطحة سحاب في العالم لنغوص في عمق النفس البشرية لنري الرعب أو الجنون أو بيتا يحاكي الطبيعة كالصدف أو البيضة أويشبه حيوان أو تحت الأرض.

617- اللؤلؤة السوداء المكتبة الملكية الدنمارك

لا يمكن لعين زائر العاصمة الدنماركية كوبنهاغن أن تخطئ ذلك المبنى الأسود المطل على الواجهة المائية للعاصمة الدنماركية والذي يطلق عليه اسم اللؤلؤة السوداء نظراً لما يتمتع به من جمال وتصميم معماري أخاذ إذ اكتسب اسمه من طبيعة لونه الأسود ذلك المبنى الذي يضم بداخله تشكيلة واسعة من لآلئ المعرفة والثقافة التي اتخذت من رفوف المكتبة الملكية مكاناً لها وهي اللآلئ التي جمعت من حول العالم 21500 متر مربع هي المساحة الإجمالية التي يقوم عليها مبنى المكتبة الملكية في الدنمارك والتي تعد حالياً أكبر مكتبة في بلدان الشمال الأوروبي وتأسست المكتبة الملكية على يد الملك فريدريك الثالث في عام 1648 ميلادية وهي تضم كافة الأعمال التي طبعت في الدنمارك منذ القرن السابع عشر إضافة إلى مئات المخطوطات التاريخية في كافة المجالات إلى جانب الآلاف الكتب والصحف والدوريات والمنشورات المختلفة والصور الفوتوغرافية والسلالم الموسيقية والوثائق الفولكلورية إضافة إلى عشرات النسخ الإلكترونية وبحسب الإحصاءات فإن المكتبة تضم على الأقل 33 مليون و300 ألف مصنف من بينها نحو 6 ملايين كتاب وصحيفة و15 مليون و500 ألف مطبوعة وصورة ونحو 7 ملايين و600 ألف كتيب ونشرة كما تمتلك المكتبة نحو 393 ألف غيغابايت من النسخ الإلكترونية وغيرها الأمر الذي يشير إلى مدى ضخامة هذه المكتبة العريقة وتاريخياً فتحت المكتبة الملكية أبوابها أمام العامة في عام 1793 وشهدت خلال تاريخها تطوراً هائلاً ومجموعة تغييرات من أهمها دمجها مع مكتبة جامعة كوبنهاغن المرموقة التي تأسست عام 1482 إذ جرت هذه العملية في العام 1989 ليُلحق بها في 2005 المكتبة الوطنية الدنماركية للعلوم والطب ومن ثم تحول اسمها في 2006 وبشكل رسمي إلى المكتبة الملكية بينما شهدت المكتبة في 2008 عملية تطوير تمثلت بإلحاق أرشيف الفولكلور الدنماركي بها علماً أن المكتبة تفتح أبواب مجموعاتها التاريخية وما تضمه من مخطوطات أمام أي شخص يتجاوز عمره الـ18 عاماً على أن يلتزم بقواعد الاستخدام الخاصة بالوثائق النادرة والقيمة ذلك كما في حالة الخرائط التاريخية للمنطقة القطبية ومخطوطات الكاتب والشاعر الدنماركي هانز كريستيان أندرسون إلى جانب مئات المخطوطات العربية الأصل والأجنبية التي تمثل مختلف ثقافات العالم وحضاراته ورغم ما تحتويه المكتبة من مخطوطات تاريخية فإن اللافت هو امتلاكها لأول كتاب مطبوع في الدنمارك والذي صدر في عام 1482 ليشير ذلك إلى مدى اهتمام إدارة المكتبة بالحصول على كافة المصنفات والمنشورات الصادرة في الدنمارك والتي لم تقتصر فقط على الكتب وإنما شملت أيضاً الدوريات والصحف التي صدرت ولا تزال في الدنمارك وأفردت لها مساحة كبيرة ولم تقتصر إدارة المكتبة في عمليات جمع المخطوطات التاريخية على حدود الدنمارك وإنما توسعت في ذلك لتشمل أيضاً حدود الدول التي كانت تنتمي إلى التاج الدنماركي مثل النرويج التي ظلت تحت الحكم الدنماركي حتى عام 1814 وآيسلندا التي ظلت حتى حكمها إلى عام 1944 وبمتابعة تاريخها نلاحظ أن إدارة المكتبة وبخلاف ما يقدمه المواطنون الدنماركيون إليها من هدايا على شكل مخطوطات وكتب تحاول منذ أواخر القرن الثامن عشر شراء جميع الكتب والدوريات التي صدرت في الدنمارك إضافة إلى الكتب المترجمة أيضاً لإيمانها أن هذه الكتب من شأنها أن تضفي أهمية كبيرة على المشهد الثقافي العالمي ومساعدة الباحثين في الحصول على ما يتطلعون إليه من معلومات وبحسب ما يشير إليه موقع المكتبة الإلكتروني اهتمت إدارة المكتبة بجمع روايات وقصص الكاتب والشاعر هانز كريستيان أندرسن التي ترجمت إلى أكثر من 90 لغة وفي هذا الخصوص شكل اكتشاف مخطوط يقع في ست صفحات لواحدة من حكايات أندرسن الخرافية التي تدور حول قصة شمعة ترغب في أن تشتعل أهم الأحداث التي شهدتها المكتبة الملكية مع مطلع العام الجاري وصادق المؤرخون والمتخصصون في أدب أندرسن على صحة المخطوط بعد دراسات متعددة للخط ولطريقة الكتابة وما شابه ذلك وأهمية هذا المخطوط لم تبن فقط على قدمه وإنما جاءت من كونه يمثل واحدة من أولى الحكايات التي كتبها أندرسن في مطلع شبابه إذ تشير الدراسات والأبحاث إلى احتمال أن المخطوط كُتب بين عامي 1822 و1826 أي أنه نص سبق بدايات أندرسن الأدبية التي اتفق الجميع على أنها بدأت العام 1829 أي حين نشر قصيدته الشهيرة الطفل المحتضر ولذلك اعتبر الحدث في الدنمارك أهم اكتشاف أدبي منذ العام 1920 لا سيما وأن أهمية هذا الاكتشاف نابعة من طبيعة ما يحظى به أندرسن من حضور في المشهد الثقافي الدنماركي فهو لا يزال يعد أكبر كاتب مر في الدنمارك كما أنه شاعر الدنمارك الوطني وأحد الذين أسسوا لما اصطلح على تسميته بالحكاية الخرافية وفي ما يتعلق بالتراث الفكري الدنماركي حرصت إدارة المكتبة أيضاً على امتلاك مجموعات الأدب السرية التي نشرت إبان الاحتلال الألماني للدنمارك خلال الفترة من 1940 1945 والتي اكتسبت أهمية بالغة في المكتبة لمساهمتها في التعريف بتلك الفترة وما شهدته من تقلبات فكرية واجتماعية مختلفة وفي إطار سعيها لاستكمال صورة المشهد الثقافي العربي تمتلك المكتبة الملكية بالدنمارك مجموعة مهمة من الكتب لمفكرين عرب من الذين ساهموا في فتح النقاش حول قضايا حيوية تخص الدين والسياسة والمجتمع وعملوا من خلالها على تغيير الصورة النمطية التي اعتاد الغرب النظر من خلالها إلى الشرق وفي الوقت ذاته تحرص إدارة المكتبة على اقتناء كافة ما تنتجه الثقافة العربية من كتب ومنشورات مختلفة سواء في الشعر أو الرواية أو الرسم والموسيقى وذلك لأدباء وفنانين بخلفيات ثقافية وأيديولوجية مختلفة معتمدة في ذلك على مبدأ أن لكل مرحلة مفكريها ومؤلفاتها وحركتها الثقافية التي يمكنها أن تعكس طبيعة الواقع الذي ربما يتوافق أو يختلف مع سابقه وفي هذا الصدد نجد أن المكتبة اهتمت كثيراً بالمخطوطات العربية على اختلاف أنواعها والتي بادرت إلى ترميمها وإعادة أرشفتها مجدداً بطريقة رقمية غاية المحافظة على المخطوطة من التلف وإتاحتها أمام الباحثين والدارسين بطريقة سهلة وبسيطة ومن بين المخطوطات العربية التي تحتفظ بها المكتبة مخطوطات كتاب الطبيب لابن البيطار وبحسب ما يشير إليه موقع المكتبة الإلكتروني حصلت المكتبة على مخطوطات هذا الكتاب من خلال الباحث الدنماركي بيتر فورسكال الذي زار مصر في 1760 ضمن البعثة الدنماركية وأشار الموقع إلى أن هذه المخطوطة تشكل حالياً جزءاً من مجموعة المخطوطات العربية التي تمتلكها المكتبة الملكية الخاصة بالطب القديم لا سيما وأن هذه المخطوطة تعكس المعرفة التجريبية العربية في مجال الطب والعلاج واعتبرت إدارة المكتبة أن وجود مثل هذه المخطوطات لديها إنما يعكس مكانة المكتبة وهناك أيضاً مخطوطة كتاب خريدة العجائب وفريدة الغرائب لابن الوردي والذي يقدم فيها جملة من الفوائد الجغرافية والتاريخية كما تمتلك المكتبة مخطوط كتاب تحفة الألباب ونخبة الإعجاب لأبي حامد الغرناطي والذي دون فيه رحلاته المختلفة وغير ذلك الكثير اهتمام إدارة المكتبة الملكية لم يتوقف عند حدود التراث الفكري الدنماركي وإنما توسع ليشمل العربي كذلك وهو ما نلمسه من خلال مكتبة مركز الدراسات الشرقية والعبرية التي تضم بين جدرانها مجموعة غنية منوعة من الكتب العربية سواء التي تصدر في الشرق الأوسط أو في أوروبا إذ يحرص القسم على اقتناء أحدث ما يصدر من كتب في المجالات المختلفة ورغم أن الأدب العربي الحديث يحتل جزءاً كبيراً منها إلا أن مجموعات الكتب التي تتناول الجدل الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني وجدت أيضاً اهتماماً ملحوظاً لدى إدارة المكتبة إلى جانب كل ما يصدر حديثاً من كتب في التراث وأدب الرحلات والموسيقى والفن وجميع ما من شأنه أن يتصل بالحركة الثقافية المعاصرة في العالم العربي ذلك بهدف إتاحتها وبسطها بين أيدي القراء للدراسة والاطلاع عليها أعلنت إدارة المكتبة الملكية في الدنمارك أخيراً عن انتهائها من ترقيم وأرشفة أكثر من 150 ألف صورة خاصة بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا وأنها تنوي خلال العام المقبل تنظيم معرض خاص بهذه الصور بعد الانتهاء من أرشفة بقية الصور الخاصة باللاجئين الفلسطينيين وجاء مشروع أرشفة صور الأونروا الذي بدأت فيه المكتبة خلال شهر مايو 2013 بهدف إنقاذ الأرشيف وحفظه وتصنيفه بطريقة سهلة تكون متاحه أمام الجميع، كما يرمي المشروع إلى رفع الوعي وتسليط الضوء على أهمية هذه الصور، خاصة وأن المشروع يتضمن مجموعة ضخمة من الصور لها أهمية تاريخية بالنسبة للقضية الفلسطينية وكانت الأونروا ومنذ تأسيسها قد عملت على جمع وحفظ الأرشيف السمعي البصري والذي يغطي جميع الجوانب عن حياة وتاريخ اللاجئين الفلسطينيين إذ يتألف من أكثر من 430 ألف صورة سلبية وأكثر من 10 آلاف صورة مطبوعة و85 ألف صورة على شرائح و75 فيلماً و730 شريط فيديو تمتلك المكتبة الملكية في الدنمارك أغرب رسائل قديمة كتبت على ورق خاص بالاستخدام الصحي في أحد سجون الدنمارك وتعود ملكيتها لكاتبها الفرنسي فارلويس فريناديد الذي حكم عليه بالسجن 18 شهراً بعد الحرب العالمية الثانية في سجن دنماركي بسبب كتاباته ضد اليهود واقتراحاته قبل الحرب بتشكيل تحالف فرنسي ألماني ولكنه فر قبل نهاية الحرب مع زوجته إلى الدنمارك من خلال ألمانيا واعتبرت المكتبة أن هذه الرسائل التي عرضت في مزاد علني في فرنسا جزء من تاريخها إذ إن الدنمارك حافظت على حياته بعد صدور نداءات بالحكم عليه بالموت في فرنسا للخيانة العظمى ولكن الدنمارك رأت أن يسجن 18 شهراً ومنعته من السفر خارج حدودها إلى عام 1951 إذ عاد إلى موطنه فرنسا وتوفي هناك عام 1961 21500 متر مربع مساحة المكتبة الإجمالية وتحتوي على أكثر من 33 مليون مصنف اهتمت المكتبة بالتراث الفكري العربي وتمتلك مجموعة كبيرة من المخطوطات العربية تحتضن المكتبة أول كتاب مطبوع في الدنمارك صدر في عام 1482 اعتنت بجمع روايات وقصص الكاتب والشاعر هانز كريستيان أندرسن التي ترجمت لأكثر من 90 لغة.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق